بالصلاة حق إتيانها ويهديه إلى مراشده، وكذا في القرآن وسائر العبادات.
الثالث ما أفيض علي ببركات الأئمة الطاهرين وبه ينحل كثير من غوامض أخبار الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، وهو أنه كما أن الجسد الانساني له حياة ظاهرية من جهة الروح الحيوانية المنبعثة عن القلب الظاهري وبها يسمع و يبصر ويمشي وينطق ويحس فكذا له حياة معنوية من جهة العلم والايمان والطاعات فالايمان ينبعث من القلب المعنوي ويسري في سائر الأعضاء فينور العين بنور آخر كما قال النبي صلى الله عليه وآله: المؤمن ينظر بنور الله ويسمع بسمع آخر، وبالجملة يتصرف الايمان في بدنه وعقله ونفسه ويملكه بأسره فلا يرى إلا الحق، ولا يسمع إلا ما ينفعه ولا يسمع شيئا من الحق إلا فهمه وصدقه، ولا ينطق إلا بالحق، ولا يمشي إلا للحق فالايمان روح لذلك الجسد، ولذا قال تعالى في وصف الكفار: " أموات غير أحياء " (1) وقال: " صم بكم عمى فهم لا يبصرون " (2) وما ذلك إلا لذهاب نور الايمان من قلوبهم و جوارحهم، وكذا الصلاة إذا كملت في شخص وأتى بها كما هو حقها تصرف في بدنه ونورت قلبه وبصره وسمعه ولسانه ومنعته عن اتباع الشهوات، وحثته على الطاعات، وكذا سائر العبادات.
ثم إن القرآن ليس تلك النقوش بل هو ما يدل عليه تلك النقوش، وإنما صار الخط وما ينقش عليه محترما لدلالته على ذلك الكلام، والكلام إنما صار مكرما لدلالته على المعاني التي أرادها الله الملك العلام، فمن انتقش في قواه ألفاظ القرآن وفي عقله معانيه واتصف بصفاته الحسنة على ما هي فيه واحترز عما نهى الله عنه فيه و اتعظ بمواعظه وصير القرآن خلقه وداوى به أدواءه فهو أولى بالتعظيم والاكرام ولذا ورد أن المؤمن أعظم حرمة من الكعبة والقرآن، فإذا عرفت ذلك فاعلم أنه كما يطلق على الجسد لتعلق الروح والنفس به أنه إنسان فكذا يجوز أن يطلق على