بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ١٦٩
" وجوه يومئذ خاشعة " أي ذليلة بالعذاب الذي يغشاها والشدائد التي تشاهدها، والمراد أرباب الوجوه، وقيل: المراد بالوجوه الكبراء " عاملة " في النار " ناصبة " فيها، فلما لم يعمل الله سبحانه في الدنيا فأعملها وأنصبها في النار بمعالجة السلاسل والاغلال، قال الزجاج: يكلفون ارتقاء جبل من حديد في النار، وقال الكلبي: يجرون على وجوههم في النار: وقيل: أي عاملة في الدنيا بالمعاصي، ناصبة في النار يوم القيامة، وقيل: أي عاملة ناصبة في الدنيا على خلاف ما أمرهم الله تعالى به، وهم الرهبان و أصحاب الصوامع وأهل البدع والآراء الباطلة لا يقبل الله أعمالهم في البدعة والضلالة و تصير هباءا لا يثابون عليها.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: كل ناصب لنا وإن تعبد واجتهد يصير إلى هذه الآية:
" عاملة ناصبة " " تصلى نارا حامية " قال ابن عباس: قد حميت فهي تتلظى على أعداء الله، وقيل: إن المعنى أن هؤلاء يلزمون الاحراق بالنار التي في غاية الحرارة " تسقى من عين آنية " أي وتسقى أيضا من عين حارة قد بلغت اناها وانتهت حرارتها، قال الحسن: قد أوقد عليهم مذ خلقت فدفعوا إليها وردا عطاشا، هذا شرابهم. ثم ذكر طعامهم فقال: " ليس لهم طعام إلا من ضريع " وهو نوع من الشوك يقال له: الشبرق، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس وهو أخبث طعام وأبشعه لا ترعاه دابة.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الضريع: شئ يكون في النار يشبه الشوك، أمر من الصبر، وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار، سماه الله الضريع.
وقال أبو الدرداء والحسن: إن الله يرسل على أهل النار الجوع حتى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون فيعطشهم الله ألف سنة، ثم يسقون من عين آنية شربة لا هنيئة ولا مريئة كلما أدنوها من وجوههم سلخ جلود وجوههم وشواها، فإذا وصل إلى بطونهم قطعها، فذلك قوله: " وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم " ولما نزلت هذه الآية قال المشركون: إن إبلنا لتسمن على الضريع، وكذبوا في ذلك لان الإبل لا ترعاه، فقال سبحانه تكذيبا لهم: " لا يسمن ولا يغني من جوع " أي لا يدفع جوعا ولا
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326