ثم قال البيضاوي: " مالكم لا تناصرون " لا ينصر بعضكم بعضا بالتخليص، وهو توبيخ وتقريع، بل هم اليوم مستسلمون منقادون لعجزهم وانسداد الحيل عليهم، و أصل الاستسلام طلب السلامة، أو متسالمون كأنه يسلم بعضهم بعضا ويخذله " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " يسأل بعض بعضا بالتوبيخ، ولذا فسر بيتخاصمون، " قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين " عن أقوى الوجوه وأيمنها، أو عن الدين، أو عن الخير، كأنكم تنفعوننا نفع السانح (1) فتبعناكم وهلكنا، مستعار من يمين الانسان الذي هو أقوى الجانبين وأشرفه وأنفعه، ولذلك سمي يمينا، ويتيمن بالسانح، أو عن القوة والقهر فتقسروننا على الضلال، أو عن الحلف فإنهم كانوا يحلفون لهم أنهم على الحق " قالوا بل لم تكونوا مؤمنين " الآية، أجابهم الرؤساء أولا بمنع إضلالهم بأنهم كانوا ضالين في أنفسهم، وثانيا بأنهم ما أجبروهم على الكفر إذ لم يكن لهم عليهم تسلط وإنما جنحوا إليه لأنهم كانوا قوما مختارين للطغيان.
وقال الطبرسي رحمه الله " فحق علينا قول ربنا ": أي وجب علينا قول ربنا بأنا لا نؤمن ونموت على الكفر، أو وجب علينا العذاب الذي نستحقه على الكفر و الاغراء.
وقال في قوله عز وجل: " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ": أي ظهر لهم يوم القيامة من صنوف العذاب ما لم يكونوا ينتظرونه ولا يظنونه واصلا إليهم ولم يكن في حسبانهم، وقال السدي: (2) ظنوا أعمالهم حسنات فبدت لهم سيئات " وبدا لهم