" إلا المتقين " من المؤمنين الموحدين الذين خال بعضهم بعضا على الايمان والتقوى، فإن تلك الخلة تتأكد بينهم يوم القيامة " يا عباد لا خوف عليكم اليوم " أي يقال لهم وقت الخوف: لا خوف عليكم من العذاب اليوم " ولا أنتم تحزنون " من فوت الثواب.
وفي قوله تعالى: " وتري كل أمة جاثية ": أي وترى يوم القيامة أهل كل ملة باركة على ركبها، عن ابن عباس، وقيل: باركة مستوفزة على ركبها كهيئة قعود الخصوم بين يدي القضاة، وقيل: إن الجثو للكفار خاصة، وقيل: هو عام للكفار والمؤمنين ينتظرون الحساب " كل أمة تدعى إلى كتابها " أي كتاب أعمالها، وقيل:
إلى كتابها المنزل على رسولها ليسألوا عما عملوا به " اليوم تجزون ما كنتم تعملون " أي يقال لهم ذلك " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق " أي يشهد عليكم بالحق، والمعنى: نبينه بيانا شافيا حتى كأنه ناطق " إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " أي نستكتب الحفظة ما كنتم تعملون في دار الدنيا، الاستنساخ: الامر بالنسخ، قوله تعالى: " في رحمته " أي في جنته وثوابه. قوله تعالى: " أفلم تكن آياتي تتلى عليكم " أي فيقال لهم ذلك " فاستكبرتم " أي تعظمتم عن قبولها " وكنتم وقوما مجرمين " أي كافرين كما قال: " أفنجعل المسلمين كالمجرمين " قوله تعالى: " اليوم ننساكم " أي نترككم في العقاب كما تركتم التأهب للقاء يومكم هذا، وقيل: أي نحلكم في العذاب محل المنسي كما أحللتم هذا اليوم محل المنسي. قوله تعالى: " ولا هم يستعتبون " أي لا يطلب منهم العتبى والاعتذار لان التكليف قد زال، وقيل: أي لا يقبل منهم العتبى.
وفي قوله عز وجل: " يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم (1) ": أي على الصراط يوم القيامة وهو دليلهم إلى الجنة، ويريد بالنور الضياء الذي يرونه ويمرون