وفي قوله سبحانه: " ويوم يقوم الاشهاد ": جمع شاهد وهم الذين يشهدون بالحق للمؤمنين وعلى المبطلين والكافرين يوم القيامة، وفي ذلك سرور للمحق وفضيحة للمبطل في ذلك الجمع العظيم، وقيل: هم الملائكة والأنبياء والمؤمنون، وقيل: هم الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالتبليغ، وعلى الكفار بالتكذيب، وقيل: هم الأنبياء وحدهم يشهدون للناس وعليهم.
وفي قوله سبحانه: " قالوا آذناك ما منا من شهيد ": أي يقولون: أعلمناك ما منا شاهد بأن لك شريكا، يتبرؤون من أن يكون مع الله شريك " وظنوا " أي أيقنوا " مالهم من محيص " إي من مهرب وملجأ.
وفي قوله عز وجل: " ويقولون هل إلى مرد " أي رجوع ورد إلى الدنيا " من سبيل " تمنيا منهم لذلك " وتريهم يعرضون عليها " أي على النار قبل دخولهم " خاشعين من الذل " أي ساكنين متواضعين في حال العرض " ينظرون من طرف خفي " أي خفي النظر لما عليهم من الهوان يسارقون النظر إلى النار خوفا منها وذلة في نفوسهم، وقيل: خفي ذليل، عن ابن عباس ومجاهد، وقيل: من عين لا تفتح كلها، وإنما نظروا ببعضها إلى النار " وقال الذين آمنوا " لما رأوا عظيم ما نزل بالظالمين " إن الخاسرين " في الحقيقة " هم الذين خسروا أنفسهم " بأن فوتوها الانتفاع بنعيم الجنة " وأهليهم " أي وأولادهم وأزواجهم وأقاربهم لا ينتفعون بهم يوم القيامة لما حيل بينهم وبينهم، وقيل: وأهليهم من الحور العين في الجنة لو آمنوا " ألا إن الظالمين في عذاب مقيم " هذا من قول الله تعالى، والمقيم: الدائم الذي لا زوال له " وما كان لهم من أولياء " أي أنصار " ينصرونهم من دون الله " ويدفعون عنهم عقابه " ومن يضلل الله فماله من سبيل " يوصله إلى الجنة " استجيبوا لربكم " أي أجيبوا داعيه يعني محمدا صلى الله عليه وآله " من قبل أن يأتي يوم مرد له من الله " أي لا رجوع بعده إلى الدنيا، أو لا يقدر أحد على رده ودفعه وهو يوم القيامة، أو لا يرد ولا يؤخر عن وقته وهو يوم الموت " مالكم من ملجأ يومئذ " أي معقل يعصمكم من العذاب " ومالكم من نكير " أي إنكار وتغيير للعذاب، وقيل: من نصير منكر لما يحل بكم.