ما أنت بأسمع منهم، وما بينهم وبين أن تأخذهم الملائكة بمقامع الحديد (1) إلا أن أعرض بوجهي هكذا عنهم.
وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه ركب بعد انفصال الامر من حرب البصرة فصار يتخلل بين الصفوف حتى مر على كعب بن سورة - وكان هذا قاضي البصرة ولاه إياها عمر بن الخطاب فأقام بها قاضيا بين أهلها زمن عمر وعثمان، فلما وقعت الفتنة بالبصرة علق في عنقه مصحفا وخرج بأهله وولده يقاتل أمير المؤمنين عليه السلام فقتلوا بأجمعهم - فوقف عليه أمير المؤمنين وهو صريع بين القتلى فقال: أجلسوا كعب بن سورة، فاجلس بين نفسين، فقال: يا كعب بن سورة قد وجدت ما وعدني ربي حقا، فهل وجدت ما وعدك ربك حقا؟ ثم قال: أضجعوا كعبا، وسار قليلا فمر بطلحة بن عبد الله صريعا فقال: أجلسوا طلحة، فأجلسوه، فقال: يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا؟ ثم قال: أضجعوا طلحة، فقال له رجل من أصحابه:
يا أمير المؤمنين ما كلامك لقتيلين لا يسمعان منك؟ فقال: يا رجل فوالله لقد سمعا كلامي كما سمع أهل القليب كلام رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا من الأخبار الدالة على أن بعض من يموت ترد إليه روحه لتنعيمه أو لتعذيبه، وليس ذلك بعام في كل من يموت بل هو على ما بيناه. انتهى كلامه رحمه الله.
وأقول: أما تشنيعه على الصدوق رحمه الله بالقول بسبق الأرواح فسيأتي في كتاب السماء والعالم أخبار مستفيضة في ذلك ولا استبعاد فيه، ولم يقم برهان تام على نفيه، وما ذكره من أنه لابد أن يذكر الانسان تلك الحالة فغير مسلم مع بعد العهد وتخلل حالة الجنينية والطفولية وغيرهما بينهما، ولا استبعاد في أن ينسيه الله تعالى ذلك لكثير من المصالح، مع أنا لا نذكر أكثر أحوال الطفولية فأي استبعاد في نسيان ما قبلها؟ وأما القول ببقاء الأرواح فقد قال رحمه الله به في بعضها فأي استبعاد في القول بذلك في جميعها؟ وما ذكره من الاخبار لا يدل على فناء الأرواح الملهو عنهم، بل على