أقول: قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح هذا الكلام: كلام أبي جعفر في النفس والروح ليس على مذهب التحقيق، فلو اقتصر على الاخبار ولم يتعاط ذكر معانيها كان أسلم له من الدخول في باب يضيق عنه سلوكه، ثم قال رحمه الله: النفس عبارة من معان: أحدها ذات الشئ، والآخر الدم السائل، والآخر النفس الذي هو الهواء، والرابع هو الهوى وميل الطبع، فأما شاهد المعنى الأول فهو قولهم: هذا نفس الشئ، أي ذاته وعينه، وشاهد الثاني قولهم: كلما كانت النفس سائلة فحكمه كذا وكذا، وشاهد الثالث قولهم: فلان هلكت نفسه إذا انقطع نفسه ولم يبق في جسمه هواء يخرج من حواسه، وشاهد الرابع قول الله تعالى: " إن النفس لامارة بالسوء " يعني الهوى داع إلى القبيح، وقد يعبر بالنفس عن النقمة، قال الله: " ويحذركم الله نفسه " يريد به نقمته وعقابه. (1) وأما الروح فعبارة عن معان: أحدها الحياة، والثاني القرآن، والثالث ملك من ملائكة الله، والرابع جبرئيل عليه السلام، فشاهد الأول قولهم: كل ذي روح فحكمه كذا، يريدون كل ذي حياة، وقولهم فيمن مات: قد خرجت منه الروح يعنون الحياة، وشاهد الثاني قوله تعالى: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " يعني القرآن، وشاهد الثالث قوله: " يوم يقوم الروح والملائكة " وشاهد الرابع قوله
(٢٥١)