بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٥١
أقول: قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح هذا الكلام: كلام أبي جعفر في النفس والروح ليس على مذهب التحقيق، فلو اقتصر على الاخبار ولم يتعاط ذكر معانيها كان أسلم له من الدخول في باب يضيق عنه سلوكه، ثم قال رحمه الله: النفس عبارة من معان: أحدها ذات الشئ، والآخر الدم السائل، والآخر النفس الذي هو الهواء، والرابع هو الهوى وميل الطبع، فأما شاهد المعنى الأول فهو قولهم: هذا نفس الشئ، أي ذاته وعينه، وشاهد الثاني قولهم: كلما كانت النفس سائلة فحكمه كذا وكذا، وشاهد الثالث قولهم: فلان هلكت نفسه إذا انقطع نفسه ولم يبق في جسمه هواء يخرج من حواسه، وشاهد الرابع قول الله تعالى: " إن النفس لامارة بالسوء " يعني الهوى داع إلى القبيح، وقد يعبر بالنفس عن النقمة، قال الله: " ويحذركم الله نفسه " يريد به نقمته وعقابه. (1) وأما الروح فعبارة عن معان: أحدها الحياة، والثاني القرآن، والثالث ملك من ملائكة الله، والرابع جبرئيل عليه السلام، فشاهد الأول قولهم: كل ذي روح فحكمه كذا، يريدون كل ذي حياة، وقولهم فيمن مات: قد خرجت منه الروح يعنون الحياة، وشاهد الثاني قوله تعالى: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " يعني القرآن، وشاهد الثالث قوله: " يوم يقوم الروح والملائكة " وشاهد الرابع قوله

(1) وللنفس معنى آخر يستعمل كثيرا في الكتاب والسنة كقوله تعالى: " لا اقسم بالنفس اللوامة، ويا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية " وقوله: " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها " وقوله: " ونهى النفس عن الهوى " وكقول علي عليه السلام: من عرف نفسه فقد عرف ربه.
كما أن للروح معنى آخر كقوله تعالى: " يسئلونك عن الروح قل الروح من امر ربى " وقوله: " ونفخنا فيها من روحنا " وقوله: " ونفخت فيه من روحي " وهو الذي يسمى بالنفس الناطقة والروح الانساني وهو جوهر مجرد مدرك للكليات والمعقولات ومبدء لجميع الأفاعيل الصادرة عن الانسان، ليس داخل العالم الجسماني ولا خارجه، ولا متصل به ولا منفصل عنه، لكنه متعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف، وهو الذي يشير الانسان إليه بقوله: " انا " وعلى هذا المعنى استقر رأى الفلاسفة الاسلامية والحكماء الإلهيين، وأكثر المتكلمين من المذهب الاسلامية وسيجئ منه ايعاز إلى ذلك، وإشارة إلى تجرده.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316