إنما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم عليه السلام من محض الايمان محضا أو محض الكفر محضا ، فأما ما سوى هذين فلا رجوع لهم إلى يوم المآب. وقد اختلف أصحابنا فيمن ينعم و يعذب بعد موته فقال بعضهم: المنعم والمعذب هو الروح التي توجه إليها الأمر والنهي و التكليف، وسموها جوهرا، وقال آخرون: بل الروح: الحياة جعلت في جسد كجسده في دار الدنيا، وكلا الامرين يجوزان في العقل، والأظهر عندي قول من قال: إنها الجوهر المخاطب، وهو الذي تسميه الفلاسفة البسيط، وقد جاء في الحديث أن الأنبياء صلوات الله عليهم خاصة والأئمة عليهم السلام من بعدهم ينقلون بأجسادهم وأرواحهم من الأرض إلى السماء فينعمون في أجسادهم التي كانوا فيها عند مقامهم في الدنيا، و هذا خاص بحجج الله دون من سواهم من الناس.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي من بعيد بلغته.
وقال صلى الله عليه وآله: من صلى علي مرة صليت عليه عشرا، ومن صلى علي عشرا صليت عليه مائة، فليكثر امرؤ منكم الصلاة علي أو فليقل. فبين أنه صلى الله عليه وآله بعد خروجه من الدنيا يسمع الصلاة عليه، ولا يكون كذلك إلا وهو حي عند الله تعالى، وكذلك أئمة الهدى صلوات الله عليهم يسمعون سلام المسلم عليهم من قرب ويبلغهم سلامه من بعد، وبذلك جاءت الآثار الصادقة عنهم، وقد قال الله تعالى: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء " الآية.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه وقف على قليب (1) بدر فقال للمشركين الذين قتلوا يومئذ وقد ألقوا في القليب: لقد كنتم جيران سوء لرسول الله صلى الله عليه وآله، أخرجتموه من منزله وطردتموه، ثم اجتمعتم عليه فحاربتموه، فقد وجدت ما وعدني ربي حقا، (2) فقال له عمر: يا رسول الله ما خطابك لهام قد صديت؟ (3) فقال له: مه يا بن الخطاب، فوالله