بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٥٢
تعالى: " قل نزله روح القدس " يعني جبرئيل عليه السلام. فأما ما ذكره أبو جعفر ورواه أن الأرواح مخلوقة قبل الأجسام بألفي عام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فهو حديث من أحاديث الآحاد، وخبر من طرق الافراد، وله وجه غير ما ظنه من لا علم له بحقائق الأشياء، وهو أن الله تعالى خلق الملائكة عليهم السلام قبل البشر بألفي عام، فما تعارف منها قبل خلق البشر ائتلف عند خلق البشر، وما لم يتعارف منها إذ ذاك اختلف بعد خلق البشر، وليس الامر كما ظنه أصحاب التناسخ، ودخلت الشبهة فيه على حشوية الشيعة فتوهموا أن الذوات الفعالة المأمورة المنهية كانت مخلوقة في الذر، وتتعارف وتعقل وتفهم وتنطق، ثم خلق الله لها أجسادا من بعد ذلك فركبها فيها، ولو كان ذلك كذلك لكنا نعرف ما كنا عليه، وإذا ذكرنا به ذكرناه، ولا يخفى علينا الحال فيه ألا ترى أن من نشأ ببلد من البلاد فأقام فيها حولا ثم انتقل إلى غيره لم يذهب عنه علم ذلك، وإن خفي عليه لسهوه عنه فذكر به ذكره، ولولا أن الامر كذلك لجاز أن يولد إنسان منا ببغداد وينشأ بها ويقيم عشرين سنة فيها ثم ينتقل منها إلى مصر آخر فينسى حاله ببغداد ولا يذكر منها شيئا وإن ذكر به وعدد عليه علامات حاله ومكانه ونشوه، وهذا ما لا يذهب إليه عاقل.
والذي صرح به أبو جعفر في معنى الروح والنفس هو قول التناسخية بعينه من غير أن يعلم أنه قولهم، فالجناية بذلك على نفسه وغيره عظيمة.
وأما ما ذكره من أن الأنفس باقية فعبارة مذمومة ولفظ يضاد ألفاظ القرآن، قال الله تعالى: " كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذي الجلال والاكرام " والذي حكاه من ذلك وتوهمه هو مذهب كثير من الفلاسفة الملحدين الذين زعموا أن الأنفس لا يلحقها الكون والفساد وأنها باقية، وإنما تفنى وتفسد الأجسام المركبة، وإلى هذا ذهب بعض أصحاب التناسخ، وزعموا أن الأنفس لم تزل تتكرر في الصور والهياكل لم تحدث ولم تفن ولم تعدم وأنها باقية غير فانية، وهذا من أخبث قول وأبعده من الصواب، وشنع به الناصبة على الشيعة ونسبوهم به إلى الزندقة ولو عرف مثبته ما فيه لما تعرض له، لكن أصحابنا المتعلقين بالاخبار أصحاب سلامة وبعد ذهن وقلة فطنة، يمرون على
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316