بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٧٢
يبدأ الناس في كل عمل أولا بطاعته وعبادته، فأمرهم أول النهار أن يبدؤوا بعبادته ثم ينتشروا فيما أحبوا من مرمة (1) دنياهم، فأوجب صلاة الغداة عليهم، فإذا كان نصف النهار و تركوا ما كانوا فيه من الشغل (2) وهو وقت يضع الناس فيه ثيابهم، ويستريحون، ويشتغلون بطعامهم وقيلولتهم، فأمرهم أن يبدؤوا أولا بذكره وعبادته فأوجب عليهم الظهر، ثم يتفرغوا لما أحبوا من ذلك، فإذا قضوا وطرهم (3) وأرادوا الانتشار في العلم لآخر النهار بدؤوا أيضا بعبادته، ثم صاروا إلى ما أحبوا من ذلك فأوجب عليهم العصر، ثم ينتشرون فيما شاؤوا من مرمة دنياهم فإذا جاء الليل ووضعوا زينتهم وعادوا إلى أوطانهم ابتدؤوا أولا بعبادة ربهم، ثم يتفرغون (4) لما أحبوا من ذلك فأوجب عليهم المغرب، فإذا جاء وقت النوم وفرغوا مما كانوا به مشتغلين أحب أن يبدؤوا أولا بعبادته وطاعته ثم يصيرون إلى ما شاؤوا أن يصيروا إليه من ذلك فيكونوا قد بدؤوا في كل عمل بطاعته وعبادته، فأوجب عليهم العتمة فإذا فعلوا ذلك لم ينسوه ولم يغفلوا عنه ولم تقس قلوبهم ولم تقل رغبتهم.
فإن قال: فلم إذا لم يكن للعصر وقت مشهور مثل تلك الأوقات أوجبها بين الظهر والمغرب، ولم يوجبها بين العتمة والغداة، أو بين الغداة والظهر؟ قيل: لأنه ليس وقت على الناس أخف ولا أيسر ولا أحرى أن يعم فيه الضعيف (5) والقوي بهذه الصلاة من هذا الوقت، وذلك أن الناس عامتهم يشتغلون في أول النهار بالتجارات والمعاملات والذهاب في الحوائج، وإقامة الأسواق، فأراد أن لا يشغلهم عن طلب معاشهم ومصلحة دنياهم وليس يقدر الخلق كلهم على قيام الليل ولا يشعرون به (6) ولا ينتبهون لوقته لو كان واجبا، ولا يمكنهم ذلك فخفف الله تعالى عنهم، ولم يجعلها في أشد الأوقات عليهم، ولكن جعلها في أخف الأوقات عليهم كما قال الله عز وجل: " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ".

(1) في العلل: من مؤونة. م (2) في العلل: ما كانوا من شغل. م (3) في العلل: ظهرهم. م (4) في العلل: يتضرعون. م (5) في العلل: ولا اثر فيه للضعيف. م (6) في العلل وفي نسخة من الكتاب: ولا يشتغلون به. م
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316