فافتقده أياما، فسأل عنه فقال له قائل: تركته في آخر يوم من أيام الدنيا، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله في أناس من أصحابه - وكان له عليه السلام بركة لا يكلم أحدا إلا أجابه - فقال: يا فلان (1) ففتح عينه وقال: لبيك يا أبا القاسم! قال: قل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فنظر الغلام إلى أبيه فلم يقل له شيئا، ثم ناداه رسول الله صلى الله عليه وآله ثانية وقال له مثل قوله الأول، فالتفت الغلام إلى أبيه فلم يقل له شيئا، ثم ناداه رسول الله صلى الله عليه وآله الثالثة فالتفت الغلام إلى أبيه، فقال: إن شئت فقل وإن شئت فلا، فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، ومات مكانه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبيه: اخرج عنا، ثم قال عليه السلام لأصحابه: اغسلوه وكفنوه، وآتوني به أصلي عليه، ثم خرج وهو يقول: الحمد لله الذي أنجى بي اليوم نسمة من النار. " ص 280 " 28 - تحف العقول: عن كميل بن زياد قال: قلت لأمير المؤمنين عليه السلام: يا أمر المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه فما حد الاستغفار؟ قال يا بن زياد: التوبة، قلت: بس؟ (2) قال: لا، قلت: فكيف؟ قال: إن العبد إذا أصاب ذنبا يقول: استغفر الله بالتحريك، قلت: وما التحريك؟ قال: الشفتان واللسان يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة، قلت: وما الحقيقة؟ قال: تصديق في القلب وإضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه، قال كميل: فإذا فعل ذلك فإنه من المستغفرين؟ (3) قال: لا، قال كميل: فكيف ذاك؟
قال: لأنك لم تبلغ إلى الأصل بعد، قال كميل: فأصل الاستغفار ما هو؟ قال: الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه، وهي أول درجة العابدين، وترك الذنب، والاستغفار اسم واقع لمعان ست:
أولها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود أبدا، والثالث أن تؤدي حقوق المخلوقين التي بينك وبينهم، والرابع أن تؤدي حق الله في كل فرض، والخامس أن تذيب اللحم الذي نبت على السحت والحرام حتى يرجع الجلد إلى عظمه، ثم