ونبش القبور، وأخذ الأكفان " ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " يقول: خافوا الله فعجلوا التوبة " ومن يغفر الذنوب إلا الله " يقول عز وجل: أتاك عبدي يا محمد تائبا فطردته، فأين يذهب؟ وإلى من يقصد؟ ومن يسأل أن يغفر له ذنبا غيري؟ ثم قال عز وجل: " ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون " يقول: لم يقيموا على الزنا ونبش القبور وأخذ الأكفان " أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين " فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله خرج وهو يتلوها ويتبسم، فقال لأصحابه: من يدلني على ذلك الشاب التائب؟ فقال معاذ: يا رسول الله بلغنا أنه في موضع كذا وكذا، فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه حتى انتهوا إلى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشاب فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين، مغلولة يداه إلى عنقه، قد اسود وجهه، وتساقطت أشفار عينيه من البكاء، وهو يقول: سيدي:
قد أحسنت خلقي وأحسنت صورتي، فليت شعري ماذا تريد بي؟ أفي النار تحرقني؟
أو في جوارك تسكنني؟ اللهم إنك قد أكثرت الاحسان إلي وأنعمت علي، فليت شعري ماذا يكون آخر أمري؟ إلى الجنة تزفني؟ (1) أم إلى النار تسوقني؟ اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات والأرض ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم، فليت شعري تغفر خطيئتي أم تفضحني بها يوم القيامة؟ فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكي ويحثو التراب على رأسه (2) وقد أحاطت به السباع! وصفت فوقه الطير! وهم يبكون لبكائه! فدنا رسول الله صلى الله عليه وآله فأطلق يديه من عنقه، ونفض التراب عن رأسه، وقال: يا بهلول!
أبشر فإنك عتيق الله من النار. ثم قال عليه السلام لأصحابه: هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها بهلول. ثم تلا عليه ما أنزل الله عز وجل فيه وبشره بالجنة. " ص 26 - 29 " 27 - أمالي الطوسي: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمد بن خالد، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان غلام من اليهود يأتي النبي صلى الله عليه وآله كثيرا حتى استخفه وربما أرسله في حاجته، وربما كتب له الكتاب إلى قومه،