بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٤
طري الجسد، (1) نقي اللون، حسن الصورة، يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها، يريد الدخول عليك، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ادخل علي الشاب يا معاذ، فأدخله عليه فسلم فرد عليه السلام، ثم قال: ما يبكيك يا شاب؟ قال: كيف لا أبكي وقد ركبت ذنوبا (2) إن أخذني الله عز وجل ببعضها أدخلني نار جهنم؟ ولا أراني إلا سيأخذني بها ولا يغفر لي أبدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هل أشركت بالله شيئا: قال: أعوذ بالله أن أشرك بربي شيئا، قال: أقتلت النفس التي حرم الله؟ قال: لا، فقال النبي صلى الله عليه وآله: يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الجبال الرواسي، (3) فقال الشاب: فإنها أعظم من الجبال الرواسي، فقال النبي صلى الله عليه وآله: يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الأرضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق، قال: فإنها أعظم من الأرضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق! فقال النبي صلى الله عليه وآله: يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل السماوات ونجومها ومثل العرش والكرسي، قال: فإنها أعظم من ذلك، قال: فنظر النبي صلى الله عليه وآله إليه كهيئة الغضبان ثم قال: ويحك (4) يا شاب ذنوبك أعظم أم ربك؟
فخر الشاب لوجهه وهو يقول: سبحان ربي ما شئ أعظم من ربي، ربي أعظم يا نبي الله من كل عظيم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: فهل يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم؟ قال الشاب:
لا والله يا رسول الله، ثم سكت الشاب فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ويحك يا شاب ألا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك؟ قال: بلى أخبرك: إني كنت أنبش القبور سبع سنين، أخرج الأموات، وأنزع الأكفان، فماتت جارية من بعض بنات الأنصار فلما حملت إلى قبرها ودفنت وانصرف عنها أهلها وجن عليهم الليل أتيت قبرها فنبشتها ثم استخرجتها ونزعت ما كان عليها من أكفانها وتركتها متجردة على شفير قبرها، ومضيت منصرفا

(١) طري الغصن أو اللحم غضا لينا فهو طري.
(٢) أي اقترفتها.
(٣) الرواسي: الجبال الثوابت الرواسخ.
(٤) كلمة ترحم وتوجع، وقد يأتي بمعنى المدح والتعجب، وقيل: إنها بمعنى الويل، تقول:
ويح لزيد، وويحا لزيد، وويحه، على الابتداء أو باضمار فعل، كأنك قلت: ألزمه الله ويحا.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316