تعالى، وقيل: هو تحكم محض لجواز أن يقال: آمن الرسول بما انزل إليه من ربه فكما جاز أن يسأل المؤمن عما آمن به فيقال: من ربك وما دينك؟ فكذا الرسول يسأل عما آمن به، فعلم أن حمل الاستعاذة على المبالغة تحكم بغير دليل، ولان النبي صلى الله عليه وآله صاحب عهدة عظيمة لأنه إنما بعث لبيان الشرائع وصرف القلوب إلى الله تعالى فلم لا يجوز أن يسأل عما كان في عهدته؟ حتى قيل: وسؤالهما الأنبياء بهذه العبارة: على ماذا تركتم أمتكم؟ والحق أن الأئمة كالأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين في هذه الأمور كلها، ولم أر في كتب الامامية هذه المسألة لا نفيا ولا إثباتا، والذي يطمئن إليه قلبي أنهم مع الأئمة سلام الله عليهم مستثنون من هذه الأحكام. انتهى.
وقال الصدوق رحمه الله في رسالة العقائد: اعتقادنا في المسألة في القبر أنها حق لابد منها، فمن أجاب بالصواب فإذا بروح وريحان في قبره وبجنة نعيم في الآخرة ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره وتصلية جحيم في الآخرة، وأكثر ما يكون عذاب القبر من النميمة وسوء الخلق والاستخفاف بالبول، وأشد ما يكون عذاب القبر على المؤمن مثل اختلاج العين أو شرطة حجام، ويكون ذلك كفارة لما بقي عليه من الذنوب التي تكفرها الهموم والغموم والأمراض وشدة النزف عند الموت، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كفن فاطمة بنت أسد في قميصه بعدما فرغت النساء من غسلها، وحمل جنازتها على عاتقه حتى أوردها قبرها، ثم وضعها ودخل القبر واضطجع فيه ثم قام فأخذها على يديه ووضعها في قبرها، ثم انكب عليها يناجيها طويلا ويقول لها: ابنك ابنك، ثم خرج وسوى عليها التراب، ثم انكب على قبرها فسمعوه وهو يقول: اللهم إني أودعتها إياك، ثم انصرف، فقال له المسلمون: يا رسول الله إنا رأيناك صنعت اليوم شيئا لم تصنعه قبل اليوم، فقال: اليوم فقدت بر أبي طالب إنها كانت يكون عندها الشئ فتؤثرني به على نفسها وولدها، وإني ذكرت القيامة وأن الناس يحشرون عراة فقالت وا سوأتاه! فضمنت لها أن يبعثها الله تعالى كاسية، وذكرت ضغطة القبر فقالت: وا ضعفاه!
فضمنت لها أن يكفيها الله تعالى ذلك فكفنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك وانكببت عليها فلقنتها ما تسأل عنه، وإنما سئلت عن ربها فقالت: الله، وسئلت عن