البلخي تسمية الملكين منكرا ونكيرا، وقالوا: إنما المنكر ما يصدر من الكافر عند تلجلجه إذا سئل، والنكير إنما هو تقريع الكافر، وهو خلاف ظاهر الحديث، والأحاديث الصحيحة الدالة على عذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين أكثر من أن تحصر بحيث يبلغ قدره المشترك حد التواتر وإن كان كل منها خبر الآحاد، واتفق عليه السلف الصالح قبل ظهور المخالف، وأنكره مطلقا ضرار بن عمرو وأكثر متأخري المعتزلة، وبعض الروافض متمسكين بأن الميت جماد فلا يعذب، وما سبق حجة عليهم، ومن تأمل عجائب الملك والملكوت وغرائب صنعه تعالى لم يستنكف عن قبول أمثال هذا، فإن للنفس نشأت، وفي كل نشأة تشاهد صورا تقتضيها تلك النشأة، فكما أنها تشاهد في المنام أمورا لم تكن تشاهد في اليقظة فكذا تشاهد في حال الانخلاع عن البدن أمورا لم تكن تشاهد في الحياة، وإلى هذا يشير من قال: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.
انتهى كلامه.
ولا يخفى على أحد أن ما نسبه هو وغيره إلى الشيعة في هذا الباب فرية بلا مرية، ولا يوجد من ذلك في كتبهم عين ولا أثر، وقد سمعت بعض كلماتهم في ذلك، ولعله رأى ذلك في بعض كتب الملاحدة من الإسماعيلية وغيرهم الملصقين بهذه الفرقة المحقة فنسب ذلك إليهم مجملا، وهذا تدليس قبيح ولا سيما من الفضلاء.
ثم اعلم أنه روى العامة في كتبهم عن أبي أمامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا مات أحدكم وسويتم عليه التراب فليقم أحدكم عند قبره ثم ليقل: يا فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة - الثانية - فيستوي قاعدا، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا رحمك الله، فيقول: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا:
شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، فإن منكرا ونكيرا يتأخر كل واحد منهما فيقول: انطلق فما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته؟ فقال: يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه؟ قال: فلينسبه إلى حواء.
وقال الشيخ البهائي قدس الله روحه: قد يتوهم أن القول بتعلق الأرواح بعد