بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٧٦
بذلك حتى يرى في نومه يصيح ويعرق جبينه، وقد ينزعج من مكانه، كل ذلك يدرك من نفسه ويتأذى به كما يتأذى اليقظان، وأنت ترى ظاهره ساكنا ولا ترى في حواليه حية، والحية موجودة في حقه، والعذاب حاصل، ولكنه في حقك غير مشاهد، و إن كان العذاب ألم اللدغ فلا فرق بين حية تتخيل أو تشاهد.
المقام الثالث أن الحية بنفسها لا تؤلم بل الذي يلقاك منها هو السم ثم السم ليس هو الألم، بل عذابك في الأثر الذي يحصل فيك من السم، فلو حصل مثل ذلك من غير سم فكان ذلك العذاب قد توفر، وقد لا يمكن تعريف ذلك النوع من العذاب إلا بأن يضاف إلى السبب الذي يفضي إليه في العادة، والصفات المهلكات تنقلب مؤذيات ومؤلمات في النفس عند الموت فتكون آلامها كآلام لدغ الحيات من غير وجود الحيات.
فإن قلت: ما الصحيح من هذه المقامات الثلاثة؟ فاعلم أن من الناس من لم يثبت إلا الثالث، وإنما الحق الذي انكشف لنا من طريق الاستبصار أن كل ذلك في حيز الامكان، وأن من ينكر بعض ذلك فهو لضيق حوصلته وجهله باتساع قدرة الله وعجائب تدبيره منكر من أفعال الله تعالى ما لم يأنس به ولم يألفه، وذلك جهل وقصور، بل هذه الطرق الثلاثة في التعذيب ممكن، والتصديق بها واجب، ورب عبد يعاقب بنوع واحد من هذه الأنواع الثلاثة، هذا هو الحق فصدق به.
ثم قال: وسؤال منكر ونكير حق لقوله صلى الله عليه وآله: إذا أقبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما: منكر، وللآخر: نكير، يقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا فيقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمدا رسول الله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح في قبره سبعين ذراعا في سبعين ذراعا، ثم ينور له فيه، ثم يقال له: نم، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم؟ فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله، حتى يبعثه الله من مضجعة ذلك، وإن كان منافقا قال: سمعت الناس يقولون فقلت مثله، لا أدري!
فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي عليه، فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيه معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك. وأنكر الجبائي وابنه و
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316