هذا الكتاب، ثم تتعلق الروح بالأجساد المثالية اللطيفة الشبيهة بأجسام الجن و الملائكة، المضاهية في الصورة للأبدان الأصلية فينعم ويعذب فيها، ولا يبعد أن يصل إليه الآلام ببعض ما يقع على الأبدان الأصلية لسبق تعلقه بها، وبذلك يستقيم جميع ما ورد في ثواب القبر وعذابه واتساع القبر وضيقه، وحركة الروح وطيرانه في الهواء وزيارته لأهله، ورؤية الأئمة عليهم السلام بأشكالهم، ومشاهدة أعدائهم معذبين، وسائر ما ورد في أمثال ذلك مما مر وسيأتي، فالمراد بالقبر في أكثر الاخبار ما يكون الروح فيه في عالم البرزخ، وهذا يتم على تجسم الروح وتجرده، وإن كان يمكن تصحيح بعض الأخبار بالقول بتجسم الروح أيضا بدون الأجساد المثالية، لكن مع ورود الأجساد المثالية في الأخبار المعتبرة المؤيدة بالأخبار المستفيضة لا محيص عن القول بها، وليس هذا من التناسخ الباطل في شئ، إذ التناسخ لم يتم دليل عقلي على امتناعه إذ أكثرها عليلة مدخولة ولو تمت لا تجري أكثرها فيما نحن فيه كما لا يخفى على من تدبر فيها، والعمدة في نفيه (1) ضرورة الدين وإجماع المسلمين، وظاهر أن هذا غير داخل فيما انعقد الاجماع والضرورة على نفيه، كيف وقد قال به كثير من المسلمين كشيخنا المفيد قدس الله روحه وغيره من علمائنا المتكلمين والمحدثين؟ بل لا يبعد القول بتعلق الروح بالأجساد المثالية عند النوم أيضا كما يشهد به ما يرى في المنام، وقد وقع في الاخبار تشبيه حالة البرزخ وما يجري فيها بحالة الرؤيا وما يشاهد فيها كما مر، بل يمكن أن يكون للنفوس القوية العالية أجساد مثالية كثيرة كأئمتنا صلوات الله عليهم حتى لا نحتاج إلى بعض التأويلات والتوجيهات في حضورهم عند كل ميت، وسائر ما سيأتي في كتاب الإمامة في غرائب أحوالهم من عروجهم إلى السماوات كل ليلة جمعة وغير ذلك.
ثم اعلم أن عذاب البرزخ وثوابه مما اتفقت عليه الأمة سلفا وخلقا، وقال به