بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ١٠
الله تعالى مخلفا إذا لم يفعل ما أوعده؟ قال: لا، قال: فقد أبطلت شهادتك.
قال الشيخ رحمه الله: ووجدت أبا القاسم قد اعتمد على هذا الكلام واستحسنه ورأيته قد وضعه في أماكن شتى من كتبه، واحتج به على أصحابنا الراجئة، فيقال له إن عمرو بن عبيد ذهب عن موضع الحجة في الشعر، وغالط أبا عمرو بن العلاء، وجهل موضع المعتمد من كلامه وذلك أنه إذا كانت العرب والعجم وكل عاقل يستحسن العفو بعد الوعيد ولا يعقلون بصاحبه ذما فقد بطل أن يكون العفو من الله تعالى مع الوعيد قبيحا لأنه لو جاز أن يكون منه قبيحا ما هو حسن في الشاهد عند كل عاقل لجاز أن يكون منه حسنا ما هو قبيح في الشاهد عند كل عاقل، وهذا نقض العدل والمصير إلى قول أهل الجور والجبر، مع أنه إذا كان العفو مستحسنا مع الخلف فهو أولى بأن يكون حسنا مع عدم الخلف، ونحن إذا قلنا: إن الله سبحانه يعفو مع الوعيد فإنما نقول:
إنه توعد بشرط يخرجه من الخلف في وعيده لأنه حكيم لا يبعث، وإذا كان حسن العفو في الشاهد منا يغمر قبح الخلف حتى يسقط الذم عليه، وهو لو حصل في موضع لم يجزيه العفو، أو ما حاصل في معناه من الحسن لكان الذم عليه قائما، ويجعل وجود الخلف كعدمه في ارتفاع اللوم عليه فهو في إخراج الشرط المشهور عن القبح إلى صفة الحسن وإيجاب الحمد والشكر لصاحبه أحرى وأولى من إخراجه الخلف عما كان يستحق عليه من الذم عند حسن العفو وأوضح في باب البرهان، وهذا بين لمن تدبره.
وشئ آخر وهو أنا لا نطلق على كل تارك للايعاد الوصف بأنه مخلف لأنه يجوز أن يكون قد شرط في وعيده شرطا أخرجه به عن الخلف، وإن أطلقنا ذلك في البعض فلإحاطة العلم به، أو عدم الدليل على الشرط فنحكم على الظاهر، فإن كان أبو عمرو بن العلاء أطلق القول في الجواب إطلاقا فإنما أراد به الخصوص دون العموم، وتكلم على معنى البيت الذي استشهد به، وما رأيت أعجب من متكلم يقطع على حسن معنى مع مضامته لقبيح ويجعل حسنه مسقطا للذم على القبيح، ثم يمتنع من حسن ذلك المعنى مع تعريه من ذلك القبيح ثم يفتخر بهذه النكتة عند أصحابه ويستحسن احتجاجه المؤدي إلى هذه المناقضة، ولكن العصبية ترين القلوب.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316