أو عد مرتكب الكبيرة بالعقاب، فلو لم يعاقب لزم الخلف في وعده والكذب في خبره، وهما محالان. ثم قال بعد ذكر أجوبة مردودة: الوجه في الجواب ما أشرنا إليه سابقا من أن الوعد والوعيد مشروطان بقيود وشروط معلومة من النصوص، فيجوز التخلف بسبب انتفاء بعض تلك الشروط، وأن الغرض منها إنشاء الترغيب والترهيب.
ثم قال: واعلم أن بعض العلماء ذهب إلى أن الخلف في الوعيد جائز على الله تعالى، وممن صرح به الواحدي في التفسير الوسيط في قوله تعالى في سورة النساء: " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " (1) الآية، حيث قال: والأصل في هذا أن الله تعالى يجوز أن يخلف الوعيد وإن كان لا يجوز أن يخلف الوعد، وبهذا وردت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيما أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصبهاني، حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، وأبو جعفر السلمي، وأبو يعلى الموصلي قالوا: حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا سهل بن أبي حزم، حدثنا ابن الميالي، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من وعده الله على عمله ثوابا فهو منجز له، ومن أوعده على عمله عقابا فهو بالخيار.
وأخبرنا أبو بكر، حدثنا محمد بن عبد الله بن حمزة، حدثنا أحمد بن الخليل الأصمعي، قال: جاء عمرو بن عبيد إلى أبي عمرو بن العلاء وقال: يا أبا عمرو يخلف الله ما وعده؟ قال: لا قال: أفرأيت من أوعده الله على عمل عقابا أيخلف الله وعيده فيه؟ فقال أبو عمرو: من العجمة أتيت يا أبا عثمان، إن الوعد غير الوعيد، إن العرب لا يعد عيبا ولا خلفا أن يعد شرا ثم لم يفعله، بل يرى ذلك كرما وفضلا، وإنما الخلف أن يعد خيرا ثم لم يفعله. (2) قال:
فأوجدني هذا العرب؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر: