بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٨
أو عد مرتكب الكبيرة بالعقاب، فلو لم يعاقب لزم الخلف في وعده والكذب في خبره، وهما محالان. ثم قال بعد ذكر أجوبة مردودة: الوجه في الجواب ما أشرنا إليه سابقا من أن الوعد والوعيد مشروطان بقيود وشروط معلومة من النصوص، فيجوز التخلف بسبب انتفاء بعض تلك الشروط، وأن الغرض منها إنشاء الترغيب والترهيب.
ثم قال: واعلم أن بعض العلماء ذهب إلى أن الخلف في الوعيد جائز على الله تعالى، وممن صرح به الواحدي في التفسير الوسيط في قوله تعالى في سورة النساء: " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " (1) الآية، حيث قال: والأصل في هذا أن الله تعالى يجوز أن يخلف الوعيد وإن كان لا يجوز أن يخلف الوعد، وبهذا وردت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيما أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصبهاني، حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، وأبو جعفر السلمي، وأبو يعلى الموصلي قالوا: حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا سهل بن أبي حزم، حدثنا ابن الميالي، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من وعده الله على عمله ثوابا فهو منجز له، ومن أوعده على عمله عقابا فهو بالخيار.
وأخبرنا أبو بكر، حدثنا محمد بن عبد الله بن حمزة، حدثنا أحمد بن الخليل الأصمعي، قال: جاء عمرو بن عبيد إلى أبي عمرو بن العلاء وقال: يا أبا عمرو يخلف الله ما وعده؟ قال: لا قال: أفرأيت من أوعده الله على عمل عقابا أيخلف الله وعيده فيه؟ فقال أبو عمرو: من العجمة أتيت يا أبا عثمان، إن الوعد غير الوعيد، إن العرب لا يعد عيبا ولا خلفا أن يعد شرا ثم لم يفعله، بل يرى ذلك كرما وفضلا، وإنما الخلف أن يعد خيرا ثم لم يفعله. (2) قال:
فأوجدني هذا العرب؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:

(١) النساء: ٩٣.
(2) وهذا مما اشتبه فيه الامر على أبى عمرو فعد حكم المعنى حكما للفظ حتى أنشد فيه الشعر مع أن البحث عقلي لا لفظي وأي ربط لمسألة خلف الوعيد باللغة حتى يختلف الحكم بالعربية والعجمية؟
ولهذا الاشتباه نظائر كثيرة في الأبحاث الكلامية يعثر عليه المتتبع، وحقيقة الامر أن الوفاء بالوعد واجب بحسب قضاء الفطرة غير أن كرامة النفس ونشر الرحمة ربما يحكمان على هذا الحكم بحسب المصلحة فيقدمان عليه أثرا وهو العفو عند المجازاة من غير أن يبطلا أصل الأمر والنهي حتى يعود إلى التناقض أو ما يشبهه فافهم ذلك. ط
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316