وعلة الزكاة من أجل قوت الفقراء وتحصين أموال الأغنياء لان الله تبارك وتعالى كلف أهل الصحة القيام بشأن أهل الزمانة والبلوى، كما قال عز وجل: " لتبلون في أموالكم " بإخراج الزكاة (1) " وفي أنفسكم " بتوطين الأنفس على الصبر، مع ما في ذلك من أداء شكر نعم الله عز وجل، والطمع في الزيادة، مع ما فيه من الرحمة والرأفة لأهل الضعف، والعطف على أهل المسكنة، والحث لهم على المواساة وتقوية الفقراء والمعونة لهم على أمر الدين، وهم عظة لأهل الغنى، وعبرة لهم ليستدلوا على فقر الآخرة بهم وما لهم من الحث في ذلك على الشكر لله عز وجل لما خولهم وأعطاهم والدعاء والتضرع و الخوف من أن يصيروا مثلهم في أمور كثيرة من أداء الزكاة (2) والصدقات وصلة الأرحام واصطناع المعروف.
وعلة الحج الوفادة إلى الله عز وجل وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف، وليكون تائبا مما مضى، مستأنفا لما يستقبل، وما فيه من استخراج الأموال وتعب الأبدان وحظرها عن الشهوات واللذات، والتقرب بالعبادة إلى الله عز وجل، والخضوع والاستكانة والذل، شاخصا في الحر (3) والبرد والخوف والامن، دائبا في ذلك دائما، وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى الله عز وجل ومنه ترك قساوة القلب وجسارة الأنفس ونسيان الذكر وانقطاع الرجاء والأمل، وتجديد الحقوق وحظر النفس عن الفساد، ومنفعة من في شرق الأرض وغربها، ومن في البر والبحر ممن يحج ومن لا يحج، من تاجر وجالب وبائع ومشتري وكاسب ومسكين، وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم.
وعلة فرض الحج مرة واحدة لان الله عز وجل وضع الفرائض على أدنى القوم قوة فمن تلك الفرائض الحج المفروض واحد، ثم رغب أهل القوة على قدر طاقتهم.