29 - تحف العقول: عن الحسين بن علي صلوات الله عليهما: أيها الناس اتقوا هؤلاء المارقة (1) الذين يشبهون الله بأنفسهم، يضاهؤون قول الذين كفروا من أهل الكتاب، بل هو الله ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير، لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار، وهو اللطيف الخبير، استخلص الوحدانية والجبروت، وأمضى المشية والإرادة والقدرة والعلم بما هو كائن، لا منازع له في شئ من أمره، ولا كفو له يعادله، ولا ضد له ينازعه، ولا سمي له يشابهه، ولا مثل له يشاكله، لا تتداوله الأمور، ولا تجري عليه الأحوال، ولا تنزل عليه الاحداث، ولا يقدر الواصفون كنه عظمته، ولا يخطر على القلوب مبلغ جبروته لأنه ليس له في الأشياء عديل، ولا تدركه العلماء بألبابها، ولا أهل التفكير بتفكيرهم، إلا بالتحقيق إيقانا بالغيب لأنه لا يوصف بشئ من صفات المخلوقين، وهو الواحد الصمد، ما تصور في الأوهام فهو خلافه، ليس برب من طرح تحت البلاغ، (2) ومعبود من وجد في هواء أو غير هواء، هو في الأشياء كائن لا كينونة محظور بها عليه، ومن الأشياء بائن لا بينونة غائب عنها، ليس بقادر من قارنه ضد، أو ساواه ند، ليس عن الدهر قدمه، ولا بالناحية أممه، احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار، وعمن في السماء احتجابه عمن في الأرض، قربه كرامته، وبعده اهانته، لا يحله في، ولا توقته إذ، ولا تؤامره إن، علوه من غير نوقل، (3) ومجيئه من غير تنقل، يوجد المفقود، ويفقد الموجود، ولا تجتمع لغيره الصفتان في وقت، يصيب الفكر منه الايمان به موجودا ووجود الايمان لا وجود صفة، به نوصف الصفات لأنها يوصف، وبه تعرف المعارف لا بها يعرف، فذلك الله لا سمي له سبحانه، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.
بيان: استخلص الوحدانية أي جعلها خالصة لنفسه لا يشاركه فيها غيره،