وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير، ولا يوصف بكيف ولا أين ولا حيث، وكيف أصفه بكيف وهو الذي كيف الكيف حتى صار كيفا فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف، أم كيف أصفه بأين وهو الذي أين الأين حتى صار أين فعرفت الأين بما أين لنا من الأين، أم كيف أصفه بحيث وهو الذي حيث الحيث حتى صار الحيث فعرفت الحيث بما حيث لنا من الحيث، فالله تبارك وتعالى داخل في كل مكان، وخارج من كل شئ، لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار، لا إله إلا هو العلي العظيم، وهو اللطيف الخبير بيان: الحيث تأكيد للأين للأين أو هو بمعنى الجهة أو الزمان كما مر سابقا.
27 - التوحيد: ابن الوليد، عن محمد العطار، عن ابن أبان، عن ابن أورمة، عن يحيى بن يحيى، عن عبد الله بن الصامت: عن عبد الاعلى، عن العبد الصالح - يعني موسى بن جعفر عليهما السلام - قال: إن الله لا إله إلا هو كان حيا بلا كيف ولا أين، ولا كان في شئ ولا كان على شئ، ولا ابتدع لمكانه مكانا (1) ولا قوي بعد ما كون الأشياء، ولا يشبهه شئ، مكون ولا كان خلوا من القدرة على الملك قبل إنشائه، ولا يكون خلوا من القدرة بعد ذهابه، كان عز وجل إلها حيا بلا حياة حادثة، ملكا قبل أن ينشئ شيئا، ومالكا بعد إنشائه، و ليس لله حد، ولا يعرف بشئ يشبهه، ولا يهرم للبقاء، ولا يصعق لذعرة شئ، ولخوفه تصعق الأشياء كلها، فكان الله حيا بلا حياة حادثة، ولا كون موصوف، ولا كيف محدود، ولا أين موقوف، ولامكان ساكن، بل حي لنفسه، ومالك لم تزل له القدرة، أنشأ ما شاء حين شاء بمشيته وقدرته، كان أو لا بلا كيف، ويكون آخرا بلا أين، وكل شئ هالك إلا وجهه، له الخلق والامر، تبارك الله رب العالمين.
بيان: الذعر بالضم: الخوف، قوله عليه السلام: ولا أين موقوف أي موقوف عليه كما في الكافي أي أين استقر الرب تعالى عليه، أو المعنى أنه لو كان له أين لكان وجوده متوقفا عليه محتاجا إليه، ويحتمل على ما في الكتاب أن يكون الموقوف بمعنى الساكن وتقييد المكان بالساكن مبني على المتعارف الغالب من كون المكان المستقر عليه ساكنا.