السابقة أي قسم وأحصى وعدد، وتكون تناهي الغاية بهم كناية عن موتهم، ويحتمل أن يكون المراد: مستقرهم ومأواهم على ظهر الأرض ومستودعهم في بطنها بعد الموت ويكون " من " بمعنى " مذ " أي مذ زمان كونهم في الأرحام والظهور إلى أن تناهي الغاية أي إلى أن يحشروا في القيامة وصاروا إلى النعيم أو إلى الجحيم، ويحتمل أن يكون المراد بالمستقر والمستودع من استقر فيه الايمان ومن استودع الايمان ثم يسلب كما دلت عليه الأخبار الكثيرة، وتوجيه الظرفين بعد ما مر غير خفي.
قوله عليه السلام: في سعة رحمته أي في حال سعة رحمته على أوليائه، واتسعت رحمته لأوليائه في حال شدة نقمته على أعدائه، فالمراد تنزيهه تعالى عن صفة المخلوقين فإن رحمتهم لا تكون في حال غضبهم وبالعكس، أو اشتدت نقمته على أعدائه في حال سعة رحمته عليهم فإن رحمته تعالى شاملة لهم في دنياهم، وهم فيها يستعدون للنقمة الشديدة، و لا يخفى بعده. والمعازة: المغالبة والمدمر: المهلك. والمشاقة: المعاداة والمنازعة.
قوله عليه السلام: وتنفسوا قبل ضيق الخناق استعار لفظ التنفس لتحصيل الراحة والبهجة في الجنة بالأعمال الصالحة في الدنيا، واستعار لفظ الخناق من الحبل المخصوص للموت أي انتهزوا لفرصة للعمل قبل تعذره بزوال وقته. قوله عليه السلام: قبل عنف السياق أي السوق العنيف عند قبض الروح، أو في القيامة إلى الحساب.
قوله عليه السلام: من لم يعن على بناء المجهول أي لم يعنه الله على نفسه حتى يجعل له منها واعظا وزاجرا لم يمنعه المنع والزجر من غيرها، أو على بناء المعلوم كما روي أيضا أي من لم يعن الواعظين له والمنذرين على نفسه لم ينتفع بالوعظ والزجر لان هوى نفسه يغلب وعظ كل واعظ.
39 - نهج البلاغة: ومن خطبة له عليه السلام: لا يشغله شأن، ولا يغيره زمان، ولا يحويه مكان، ولا يصفه لسان، ولا يعزب عنه قطر الماء، ولا نجوم السماء ولا سوافي الريح في الهواء، (1) ولا دبيب النمل على الصفا، ولا مقيل الذر في الليلة الظلماء، يعلم مساقط الأوراق وخفي طرف الأحداق.