أي يعلم ما يصوت به الرعد، ويعلم ما يضمحل عنه البرق. فإن قلت: هو سبحانه عالم بما يضيئه البرق وبما لا يضيئه فلم خص عليه السلام ما يتلاشى عنه البرق؟ قلت: لان علمه بما ليس يضئ أعجب وأغرب لان ما يضيئه البرق يمكن أن يعلمه أولوا الابصار الصحيحة قوله عليه السلام: عواصف الأنواء (1) الأنواء جمع نوء وهو سقوط نجم من منازل القمر الثمانية والعشرين في المغرب مع الفجر، وطلوع رقيبه من المشرق مقابلا له من ساعته، ومدة النوء ثلاثة عشر يوما إلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يوما، وإنما سمي نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق أي نهض وطلع، وقيل: أراد بالنوء الغروب وهو من الأضداد. قال أبو عبيدة: ولم يسمع في النوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع. وإنما أضاف العواصف إليها لان العرب تضيف الرياح والأمطار والحر والبرد إلى الساقط منها، أو لان أكثر ما يكون عصفا فيها، والانهطال: الانصباب، و سحبه كمنعه: جره على وجه الأرض، وأكل وشرب أكلا وشربا شديدا.
قوله عليه السلام: ولا يشغله سائل أي عن سائل آخر، والنائل: العطاء أي لا ينقص خزائنه عطاء. قوله عليه السلام: لا يوصف بالأزواج أي بالأمثال أو الأضداد أو بصفات الأزواج، أوليس فيه تركب وازدواج أمرين كما مر تحقيقه، أو بأن له صاحبة.
قوله عليه السلام: تكليما مصدر للتأكيد لإزالة توهم السامع التجوز في كلامه تعالى، والمراد بالآيات إما الآيات التسع أو الآيات التي ظهرت عند التكليم من سماع الصوت من الجهات الست وغيره، ويؤيد الثاني قوله عليه السلام: بلا جوارح إلى قوله: ولا لهوات، إذ الظاهر تعلقه بالتكليم، ويحتمل تعلقه بالجميع على اللف والنشر غير المرتب.
قوله عليه السلام مرجحنين (2) أي مائلين إلى جهة التحت خضوعا لجلال الباري عز سلطانه، ويحتمل أن يكون كناية عن عظمة شأنهم ورزانة قدرهم أو عن نزولهم وقتا بعد وقت بأمره تعالى، قال الجزري: ارجحن الشئ: إذا مال من ثقله وتحرك. قوله عليه السلام: أمد حده الإضافة بيانية، وحمل الحد على النهايات والأطراف بعيد جدا.