معالم الحدود في نهاية ما قرر لهم من امتدادات المسافات المعنوية التي لا ينبغي لهم أن يخرجوا عنها، ويقال: لائم بين كذا وكذا أي جمع. قوله عليه السلام: ووصل أسباب قرائنها إشارة إلى أن الموجودات لا تنفك عن أشياء تقترن بها من الهيئات والاشكال والغرائز وغيرها، واقتران الشيئين مستلزم لاقتران أسبابهما واتصالها، وذلك الوصل مستند إليه تعالى لأنه مسبب الأسباب، وقيل: المراد بالقرائن: النفوس المقرونة بالأبدان واعتدال المزاج سبب بقاء الروح أي وصل أسباب أنفسها بتعديل أمزجتها، وقيل:
المراد هدايتها لما هو الأليق بها في معاشها ومعادها من قول القائل: وصل الملك أسباب فلان، إذا علقه عليه ووصله ببره وإنعامه، ثم المراد بالأجناس أعم مما هو مصطلح المنطقيين. وقوله عليه السلام: بدايا خبر مبتدأ محذوف أي هي بدايا مخلوقات، وبدايا ههنا جمع بديئة، وهي الحالة العجيبة، يقال: أبدى الرجل: إذا جاء بالامر المعجب البدئ والبديئة أيضا: الحالة المبتدأة المبتكرة، ومنه قولهم: فعله بادئ بدئ - على فعيل - أي أول كل شئ.
قوله عليه السلام: انتظم علمه لعله بمعنى نظم وإن لم يرد فيما عندنا من كتب اللغة، أو علمه منصوب بنزع الخافض أي بعلمه، أو في علمه أي انتظم في علمه تعالى جميع أصناف الخلق وأحوالها فكأن علمه تعالى سلك نظم جميع الأشياء فيه، ويحتمل أن يكون من قولهم: انتظمه بالرمح: إذا اختله وجعله فيه كما مر. قوله: وبتلاحم التلاحم: الالتيام والالتصاق، والحقة بالضم: رأس الورك الذي فيها عظم الفخذ، ورأس العضد الذي فيه الوابلة، والجمع أحقاق وحقاق بالكسر أي من شبهه بخلقه في ربط مفاصلهم، ودخول بعضها في بعض، وشدة ارتباطها واستحكامها، وكون المفاصل محتجبة بما يسترها و يكتنفها من اللحم والجلد، وكل ذلك بتدبير حكمته، فمن حكم بهذا التشبيه فإنه لم يعقد غيب ضميره أي ما غيب في ضميره أو ضميره المغيب عن الخلق على معرفته تعالى، ويمكن أن يقرأ يعقد على المعلوم وغيب بالنصب وعلى المجهول وغيب بالرفع.
قوله: لم يتناه في العقول أي لم تصل العقول إلى نهاية معرفته بالوصول إلى كنه