الكامل وحكمته الشاملة كون جميع الأشياء حاصلة بالعلم بالأصلح فالمعنى أنه لما اقتضى كمال ذاته أن لا يصدر عنه شئ إلا على الوجه الأصلح والأكمل فلذا لا يصدر شئ عنه تعالى إلا بإرادته المقتضية لذلك.
الثالث: ما ذكره السيد الداماد قدس الله روحه أن المراد بالمشيئة هنا مشيئة العباد لأفعالهم الاختيارية لتقدسه سبحانه عن مشيئة مخلوقة زائدة على ذاته عزو جل، وبالأشياء أفاعيلهم المترتب وجودها على تلك المشيئة، وبذلك تنحل شبهة ربما أوردت ههنا وهي أنه لو كانت أفعال العباد مسبوقة بإرادتهم لكانت الإرادة مسبوقة بإرادة أخرى وتسلسلت الإرادات لا إلى نهاية.
الرابع: ما ذكره بعض الأفاضل وهو أن للمشيئة معنيين: أحدهما متعلق بالشائي وهي صفة كمالية قديمة هي نفس ذاته سبحانه وهي كون ذاته سبحانه بحيث يختار ما هو الخير والصلاح، والآخر يتعلق بالمشيئ وهو حادث بحدوث المخلوقات لا يتخلف المخلوقات عنه، وهو إيجاده سبحانه إياها بحسب اختياره، وليست صفة زائدة على ذاته عز وجل وعلى المخلوقات بل هي نسبة بينهما تحدث بحدوث المخلوقات لفرعيتها المنتسبين معا.
فنقول: إنه لما كان ههنا مظنة شبهة هي أنه إن كان الله عز وجل خلق الأشياء بالمشيئة فبم خلق المشيئة أبمشيئة أخرى؟ فيلزم أن تكون قبل كل مشيئة مشيئة إلى مالا نهاية له فأفاد الإمام عليه السلام أن الأشياء مخلوقة بالمشيئة، وأما المشيئة نفسها فلا يحتاج خلقها إلى مشيئة أخرى بل هي مخلوقة بنفسها لأنها نسبة وإضافة بين الشائي والمشيئ تتحصل بوجوديهما العيني والعلمي، ولذا أضاف خلقها إلى الله سبحانه لان كلا الوجودين له وفيه ومنه، وفي قوله عليه السلام: بنفسها دون أن يقول: بنفسه إشارة لطيفة إلى ذلك، نظير ذلك ما يقال: إن الأشياء إنما توجد بالوجود فأما الوجود نفسه فلا يفتقر إلى وجود آخر بل إنما يوجد بنفسه.
الخامس: ما ذكره بعض المحققين بعد ما حقق أن إرادة الله المتجددة هي نفس أفعاله المتجددة الكائنة الفاسدة فإرادته لكل حادث بالمعنى الإضافي يرجع إلى