معه، ولا يكون مفارقا من المراد، وحاصلة أن ذاته تعالى مناط لعلمه وقدرته أي صحة الصدور واللاصدور، بأن يريد فيفعل وأن لا يريد فيترك، فهو بذاته مناط لصحة الإرادة وصحة عدمها فلا يكون بذاته مناطا للإرادة وعدمها بل المناط فيها الذات مع حال المراد فالإرادة أي المخصصة لاحد الطرفين لم يكن من صفات الذات فهو بذاته عالم قادر مناط لهما، وليس بذاته مريدا مناطا لها، بل بمدخلية مغائر متأخر عن الذات، و هذا معنى قوله: لم يزل عالما قادرا ثم أراد.
17 - كتاب زيد النرسي: قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان الله وهو لا يريد بلا عدد أكثر مما كان مريدا.
18 - التوحيد: ابن الوليد، عن الصفار، عن اليقطيني، عن الجعفري قال: قال الرضا عليه السلام: المشيئة من صفات الافعال فمن زعم أن الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد.
19 - التوحيد: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن موسى بن عمر، عن ابن سنان، عن أبي سعيد القماط قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: خلق الله المشيئة قبل الأشياء ثم خلق الأشياء بالمشيئة.
20 - التوحيد: أبي، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خلق الله المشيئة بنفسها، ثم خلق الأشياء بالمشيئة.
بيان: هذا الخبر الذي هو من غوامض الاخبار يحتمل وجوها من التأويل:
الأول: أن لا يكون المراد بالمشيئة الإرادة بل إحدى مراتب التقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها من أسباب وجود الشئ كالتقدير في اللوح مثلا والاثبات فيه، فإن اللوح وما أثبت فيه لم يحصل بتقدير آخر في لوح سوى ذلك اللوح، وإنما وجد سائر الأشياء بما قدر في ذلك اللوح، وربما يلوح هذا المعني من بعض الأخبار كما سيأتي في كتاب العدل، وعلى هذا المعنى يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير.
الثاني: أن يكون خلق المشيئة بنفسها كناية عن كونها لازمة لذاته تعالى غير متوقفة على تعلق إرادة أخرى بها فيكون نسبة الخلق إليها مجازا عن تحققها بنفسها منتزعة عن ذاته تعالى بلا توقف على مشيئة أخرى، أو أنه كناية عن أنه اقتضى علمه