الخلق الضمير أي أمر يدخل خواطرهم وأذهانهم ويوجد في نفوسهم ويحل فيها بعد ما لم يكن فيها وكانت هي خالية عنه.
وقوله: وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل يحتمل أن يكون جملة معطوفة على الجملة السابقة والظرف خبرا للموصول، ويحتمل أن يكون الموصول معطوفا على قوله: " الضمير " ويكون قوله: " من الفعل " بيانا للموصول، والمعنى على الأول أن الإرادة من الخلق الضمير، والذي يكون لهم بعد ذلك من الفعل لامن إرادتهم، وعلى الثاني أن إرادتهم مجموع ضمير يحصل في قلبهم، وما يكون لهم من الفعل المترتب عليه، فالمقصود هنا من الفعل ما يشمل الشوق إلى المراد وما يتبعه من التحريك إليه والحركة، وأما الإرادة من الله فيستحيل أن يكون كذلك، فإنه يتعالى أن يقبل شيئا زائدا على ذاته بل إرادته المرجحة للمراد من مراتب الاحداث لا غير ذلك إذ ليس في الغائب إلا ذاته الأحدية ولا يتصور هناك كثرة المعاني ولاله بعد ذاته وما لذاته بذاته إلا ما ينسب إلى الفعل فإرادة الله سبحانه من مراتب الفعل المنسوب إليه لا غير ذلك.
أقول: ويحتمل على الاحتمال الأول أن يكون المراد بالضمير تصور الفعل، وبما يبدو لهم بعد ذلك اعتقاد النفع والشوق وغير ذلك، فقوله: " من الفعل " أي من أسباب الفعل، وقوله عليه السلام: " ولا كيف لذلك " أي لا صفة حقيقية لقوله ذلك وإرادته كما أنه لا كيف لذاته ولا يعرف كيفية إرادته على الحقيقة كما لا يعرف كيفية ذاته وصفاته بالكنه.
وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه: إن الإرادة من الله جل اسمه نفس الفعل، و من الخلق الضمير وأشباهه مما لا يجوز إلا على ذوي الحاجة والنقص، وذلك لان العقول شاهدة بأن القصد لا يكون إلا بقلب كما لا تكون الشهوة والمحبة إلا لذي قلب، ولا تصح النية والضمير والعزم إلا على ذي خاطر يضطر معها في الفعل الذي يغلب عليه إلى الإرادة له والنية فيه والعزم، ولما كان الله تعالى يجل عن الحاجات ويستحيل عليه الوصف بالجوارح والأدوات ولا يجوز عليه الدواعي والخطرات بطل أن يكون محتاجا في الافعال إلى القصود والعزمات، وثبت أن وصفه بالإرادة مخالف في معناه لوصف