ابتدائية أي إنما يتم عيشه بانثى، وعلى التقديرين يحتمل أن يكون بمعنى " مع " إن جوز استعماله فيه. وقال الجوهري: تبا لفلان، تنصبه على المصدر باضمار فعل أي ألزمه الله هلاكا وخسرانا. وقال: التعس: الهلاك، يقال: تعسا لفلان أي ألزمه الله هلاكا.
اعتبر الآن يا مفضل بعظيم النعمة على الانسان في مطعمه ومشربه وتسهيل خروج الأذى، أليس من حسن التقدير في بناء الدار أن يكون الخلاء في أستر موضع فيها؟ (1) فكذا جعل الله سبحانه المنفذ المهيأ للخلاء من الانسان في أستر موضع منه، فلم يجعله بارزا من خلفه، ولا ناشرا من بين يديه، بل هو مغيب في موضع غامض من البدن، مستور محجوب يلتقي عليه الفخذان، وتحجبه الأليتان بما عليهما من اللحم فيواريانه فإذا احتاج الانسان إلى الخلاء وجلس تلك الجلسة ألفي ذلك المنفذ منه منصبا مهيئا لانحدار الثفل، فتبارك الله من تظاهرت آلاؤه ولا تحصى نعماؤه.
بيان: ألفي أي وجد. وقوله عليه السلام: منصبا إما من الانصباب، كناية عن التدلي أو من باب التفعيل من النصب قال الفيروزآبادي: نصب الشئ وضعه ورفعه ضد، كنصبه فانتصب وتنصب.
فكر يا مفضل في هذه الطواحن التي جعلت للانسان فبعضها حداد لقطع الطعام وقرضه، وبعضها عراض لمضغه ورضه (2) فلم ينقص واحد من الصفتين إذ كان محتاجا إليهما جميعا.
تأمل واعتبر بحسن التدبير في خلق الشعر والأظفار فإنهما لما كانا مما يطول ويكثر حتى يحتاج إلى تخفيفه أولا فأولا جعلا عديمي الحس لئلا يؤلم الانسان الاخذ منهما، ولو كان قص الشعر وتقليم الأظفار مما يوجد له مس من ذلك لكان الانسان من ذلك بين مكروهين: إما أن يدع كل واحد منهما حتى يطول فيثقل عليه، وإما أن يخففه بوجع وألم يتألم منه.