والبرد، فمن حصن الدماغ هذا التحصين إلا الذي خلقه وجعله ينبوع الحس والمستحق للحيطة والصيانة بعلو منزلته من البدن وارتفاع درجته وخطر مرتبته؟.
بيان: المز: بين الحلو والحامض. والثج: السيلان. والغصص: أن يقف بالشئ في الحلق فلم يك يسيغه. والجمجمة: عظم الرأس المشتمل على الدماغ. والبيضة: هي التي توضع على الرأس في الحرب. والفت: الكسر. وهد البناء: كسره وضعضعه، و هدته المصيبة أي أوهنت ركنه. والحيطة بالكسر: الحياطة والرعاية.
تأمل يا مفضل الجفن على العين، كيف جعل كالغشاء، والأشفار كالأشراج، و أولجها في هذا الغار، وأظلها بالحجاب وما عليه من الشعر.
بيان: الجفن: غطاء العين من أعلا وأسفل. والأشفار: هي حروف الأجفان التي عليها الشعر. والأشراج: العرى. وكأنه عليه السلام شبه الأشفار بالعرى والخيط المشدود بها، فإن بهما ترفع الأستار وتسدل عند الحاجة إليهما، أو بالعرى التي تكون في العيبة من الادم (1) وغيره، يكون فيها خيط إذا شدت به يكون ما في العيبة محفوظا مستورا، وكلاهما مناسب، والأول أنسب بالغشاء. قال الجزري: في حديث الأحنف:
فأدخلت ثياب صوني العيبة فأشرجتها. يقال: أشرجت العيبة وشرجتها: إذا شددتها بالشرج وهي العرى. انتهى. وأولجها يعني أدخلها.
يا مفضل من غيب الفؤاد في جوف الصدر، وكساه المدرعة التي هي غشاؤه، وحصنه بالجوانح وما عليها من اللحم والعصب لئلا يصل إليه ما ينكؤه؟ من جعل في الحلق منفذين؟ أحدهما لمخرج الصوت وهو الحلقوم المتصل بالرية، والآخر منفذ الغذاء وهو المرئ المتصل بالمعدة الموصل الغذاء إليها، وجعل على الحلقوم طبقا يمنع الطعام أن يصل إلى الرية فيقتل، من جعل الرية مروحة الفؤاد؟ لا تفتر ولا تخل لكيلا تتحيز الحرارة في الفؤاد فتؤدي إلى التلف. من جعل لمنافذ البول والغائط أشراجا تضبطهما؟
لئلا يجريا جريانا دائما فيفسد على الانسان عيشه فكم عسى أن يحصي المحصي من هذا؟
بل الذي لا يحصى منه ولا يعلمه الناس أكثر، من جعل المعدة عصبانية شديدة وقدرها