بيان: الأديم: الجلد. والطلق: وجع الولادة. ويقال: أزعجه أي قلعه عن مكانه ويقال: تلمظ إذا أخرج لسانه فمسح به شفتيه، وتلمظت الحية إذا أخرجت لسانها كتلمظت الاكل. والإداوة بالكسر: إناء صغير من جلد يتخذ للماء. والطواحن:
الأضراس، ويطلق الأضراس غالبا على المآخير، والأسنان على المقاديم كما هو الظاهر هنا، وإن لم يفرق اللغويون بينهما، والمراد بالطواحن هنا جميع الأسنان. والإساغة: الأكل والشرب بسهولة.
اعتبر يا مفضل فيما يدبر به الانسان في هذه الأحوال المختلفة، هل ترى يمكن أن يكون بالاهمال؟ أفرأيت لو لم يجر إليه ذلك الدم وهو في الرحم ألم يكن سيذوي ويجف كما يجف النبات إذا فقد الماء؟ ولو لم يزعجه المخاض (1) عند استحكامه ألم يكن سيبقى في الرحم كالموؤود في الأرض؟ ولو لم يوافقه اللبن مع ولادته ألم يكن سيموت جوعا، أو يغتذي بغذاء لا يلائمه ولا يصلح عليه بدنه؟ ولو لم تطلع عليه الأسنان في وقتها ألم يكن سيمتنع عليه مضغ الطعام وإساغته، أو يقيمه على الرضاع فلا يشد بدنه ولا يصلح لعمل؟ ثم كان تشتغل أمه بنفسه عن تربية غيره من الأولاد، ولو لم يخرج الشعر في وجهه في وقته ألم يكن سيبقى في هيئة الصبيان والنساء فلا ترى له جلالة ولا وقارا؟.
فقال المفضل: فقلت: يا مولاي فقد رأيت من يبقى على حالته ولا ينبت الشعر في وجهه وإن بلغ حال الكبر، فقال: ذلك بما قدمت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد، فمن هذا الذي يرصده حتى يوافيه بكل شي من هذه المآرب إلا الذي أنشأه خلقا بعد أن لم يكن، ثم توكل له بمصلحته بعد أن كان فإن كان الاهمال يأتي بمثل هذا التدبير فقد يجب أن يكون العمد والتقدير يأتيان بالخطأ والمحال لأنهما ضدا الاهمال، وهذا فظيع (2) من القول وجهل من قائله، لان الاهمال لا يأتي بالصواب، والتضاد لا يأتي بالنظام، تعالى الله عما يقول الملحدون علوا كبيرا، ولو كان المولود يولد فهما عاقلا لأنكر العالم عند ولادته ولبقي حيران تائه العقل (3) إذا رأى ما لم يعرف وورد عليه