بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٦٣
بيان: الأديم: الجلد. والطلق: وجع الولادة. ويقال: أزعجه أي قلعه عن مكانه ويقال: تلمظ إذا أخرج لسانه فمسح به شفتيه، وتلمظت الحية إذا أخرجت لسانها كتلمظت الاكل. والإداوة بالكسر: إناء صغير من جلد يتخذ للماء. والطواحن:
الأضراس، ويطلق الأضراس غالبا على المآخير، والأسنان على المقاديم كما هو الظاهر هنا، وإن لم يفرق اللغويون بينهما، والمراد بالطواحن هنا جميع الأسنان. والإساغة: الأكل والشرب بسهولة.
اعتبر يا مفضل فيما يدبر به الانسان في هذه الأحوال المختلفة، هل ترى يمكن أن يكون بالاهمال؟ أفرأيت لو لم يجر إليه ذلك الدم وهو في الرحم ألم يكن سيذوي ويجف كما يجف النبات إذا فقد الماء؟ ولو لم يزعجه المخاض (1) عند استحكامه ألم يكن سيبقى في الرحم كالموؤود في الأرض؟ ولو لم يوافقه اللبن مع ولادته ألم يكن سيموت جوعا، أو يغتذي بغذاء لا يلائمه ولا يصلح عليه بدنه؟ ولو لم تطلع عليه الأسنان في وقتها ألم يكن سيمتنع عليه مضغ الطعام وإساغته، أو يقيمه على الرضاع فلا يشد بدنه ولا يصلح لعمل؟ ثم كان تشتغل أمه بنفسه عن تربية غيره من الأولاد، ولو لم يخرج الشعر في وجهه في وقته ألم يكن سيبقى في هيئة الصبيان والنساء فلا ترى له جلالة ولا وقارا؟.
فقال المفضل: فقلت: يا مولاي فقد رأيت من يبقى على حالته ولا ينبت الشعر في وجهه وإن بلغ حال الكبر، فقال: ذلك بما قدمت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد، فمن هذا الذي يرصده حتى يوافيه بكل شي من هذه المآرب إلا الذي أنشأه خلقا بعد أن لم يكن، ثم توكل له بمصلحته بعد أن كان فإن كان الاهمال يأتي بمثل هذا التدبير فقد يجب أن يكون العمد والتقدير يأتيان بالخطأ والمحال لأنهما ضدا الاهمال، وهذا فظيع (2) من القول وجهل من قائله، لان الاهمال لا يأتي بالصواب، والتضاد لا يأتي بالنظام، تعالى الله عما يقول الملحدون علوا كبيرا، ولو كان المولود يولد فهما عاقلا لأنكر العالم عند ولادته ولبقي حيران تائه العقل (3) إذا رأى ما لم يعرف وورد عليه

(1) المخاض: وجع الولادة وهو الطلق.
(2) فظع الامر: اشتدت شناعته وجاوز المقدار في ذلك.
(3) أي ضايع العقل.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309