له معنى سوى ما يتعلمه الانسان لمعرفة الحساب، ويدور عليه عقد الأصابع عند ضبط الآحاد والعشرات والمئات والألوف، ولذلك متى أراد مريد أن يخبر غيره عن كميته شئ بعينه سماه باسمه الأخص، ثم قرن لفظة الواحد، به وعلقه عليه يدل به على كميته لا على ما عدا ذلك من أوصافه، ومن أجله يقول القائل: درهم واحد، وإنما يعني به أنه درهم فقط، وقد يكون الدرهم درهما بالوزن ودرهما بالضرب فإذا أراد المخبر أن يخبر عن وزنه قال: درهم واحد بالوزن، وإذا أراد أن يخبر عن عدده أو ضربه قال: درهم واحد بالعدد، ودرهم واحد بالضرب. وعلى هذا الأصل يقول القائل: هو رجل واحد، وقد يكون الرجل واحدا بمعنى أنه إنسان وليس بإنسانين، ورجل ليس برجلين، وشخص ليس بشخصين، ويكون واحدا في الفضل، واحدا في العلم، واحدا في السخاء، واحدا في الشجاعة، فإذا أراد القائل أن يخبر عن كميته قال: هو رجل واحد فدل ذلك من قوله على أنه رجل وليس هو برجلين، وإذا أراد أن يخبر عن فضله قال: هذا واحد عصره، فدل ذلك على أنه لا ثاني له في الفضل، وإذا أراد أن يدل على علمه قال: إنه واحد في علمه، فلو دل قوله: واحد بمجرده على الفضل والعلم كما دل بمجرده على الكمية لكان كل من أطلق عليه لفظة واحد أراد فاضلا لا ثاني له في فضله، وعالما لا ثاني له في علمه، وجوادا لا ثاني له في جوده، فلما لم يكن كذلك صح (1) أنه بمجرده لا يدل إلا على كمية الشئ دون غيره، وإلا لم يكن لما أضيف إليه من قول القائل: واحد عصره ودهره فائدة، ولا كان لتقييده بالعلم والشجاعة معنى لأنه كان يدل بغير تلك الزيادة وبغير ذلك التقييد على غاية الفضل وغاية العلم والشجاعة، فلما احتيج معه إلى زيادة لفظ واحتيج إلى التقييد بشئ صح ما قلناه. فقد تقرر أن لفظة القائل واحد إذا قيل على الشئ دل بمجرده على كمية في اسمه الأخص، ويدل ما يقترن به على فضل المقول عليه وعلى كماله وعلى توحده بفضله وعلمه وجوده، وتبين أن الدرهم الواحد قد يكون درهما واحدا بالوزن، ودرهما واحدا بالعدد، ودرهما واحدا بالضرب، وقد يكون بالوزن درهمين، وبالضرب درهما واحدا، ويكون بالدوانيق ستة دوانيق، وبالفلوس
(٢٤١)