نسروهم فيها فهزمهم، (1) وقتل من قتل، وهرب من هرب فتفرقوا في البلاد، وأمر بالصنم فحمل وألقى في البحر، فاتخذت كل فرقة منهم صنما، وسموها بأسمائها فلم يزالوا بعد ذلك قرنا بعد قرن لا يعرفون إلا تلك الأسماء ثم ظهرت نبوة نوح عليه السلام (2) فدعاهم إلى عبادة الله وحده، وترك ما كانوا يعبدون من الأصنام، فقال بعضهم: لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا.
بيان: ارفضاض الشئ: تفرقه، وترفض: تكسر. وانحاز عنه: عدل.
9 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن منذر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكر أن سلمان قال: إن رجلا دخل الجنة في ذباب وآخر دخل النار في ذباب. فقيل له: وكيف ذلك يا أبا عبد الله؟ قال: مرا على قوم في عيد لهم، وقد وضعوا أصناما لهم لا يجوز بهم أحد حتى يقرب إلى أصنامهم قربانا قل أم كثر، فقالوا لهما، لا تجوزا حتى تقربا كما يقرب كل من مر، فقال أحدهما:
ما معي شئ أقربه، وأخذ أحدهما ذبابا فقربه، ولم يقرب الآخر، فقال: لا أقرب إلى غير الله عز وجل شيئا فقتلوه فدخل الجنة، ودخل الآخر النار.
10 - تفسير العياشي: عن الزهري قال: أتى رجل أبا عبد الله عليه السلام فسأله عن شئ فلم يجبه، فقال له الرجل: فإن كنت ابن أبيك فإنك من أبناء عبدة الأصنام، فقال له:
كذبت إن الله أمر إبراهيم أن ينزل إسماعيل بمكة ففعل، فقال إبراهيم: رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام. فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما قط، ولكن العرب عبدة الأصنام، وقالت بنو إسماعيل: هؤلاء شفعاؤنا عند الله فكفرت ولم تعبد الأصنام.
بيان: لعل المراد أنهم أقروا بوحدانية الصانع، وإن أشركوا من جهة العبادة والسجود لها، فنفى عليه السلام عنهم أعظم أنواع الشرك وهو الشرك في الربوبية وقد مرت الإشارة إلى الفرق بينهما في الباب السابق. (3)