بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢١٦
الخالق جل اسمه من العدو (1) وأن يجعل العالم شبكة له ليوقع العدو فيه، ويجعله في ربط ووثاق. والعدو عندهم هو الشيطان وبعضهم يعتقد قدمه وبعضهم حدوثه.
قال قوم منهم: إن الباري عز وجل استوحش ففكر فكرة ردية فتولد منها الشيطان. وقال آخرون: بل شك شكا رديا فتولد الشيطان من شكه. وقال آخرون: بل تولد من عفونة ردية قديمة.
وزعموا أن الشيطان حارب الباري سبحانه، وكان في الظلمة لم يزل بعيدا عن سلطان الباري سبحانه فلم يزل يزحف حتى رأى النور فوثب وثبة عظيمة فصار في سلطان الله تعالى في النور، وأدخل معه البلايا والشرور فبنى الله سبحانه هذه الأفلاك والأرض والعناصر شبكة له، وهو فيها محبوس لا يمكنه الرجوع إلى سلطانه الأول والظلمة فهو أبدا يضطرب ويرمي الآفات على خلق الله سبحانه فمن أحياه الله رماه الشيطان بالموت، ومن أصحه رماه الشيطان بالسقم، ومن سره رماه الشيطان بالحزن والكأبة فلا يزال كذلك. وكل يوم ينتقص سلطانه وقوته لان الله تعالى يحتال له كل يوم ويضعفه إلى أن تذهب قوته كلها، ويخمد ويصير جمادا جامدا هوائيا، و يجمع الله تعالى أهل الأديان فيعذبهم بقدر ما يطهرهم ويصفيهم من طاعة الشيطان، ويغسلهم من الأدناس ثم يدخلهم الجنة وهي لا أكل فيها ولا شرب ولا تمتع، ولكنها موضع لذة وسرور.
أقول: لما عرفت هذه المذاهب السخيفة المزخرفة التي يغنى تقريرها عن التعرض لابطالها: وتزييفها فلنرجع إلى توضيح الخبر.
فنقول: يظهر من كلامه عليه السلام أن الديصانية قالوا: بقدم الطينة أي الظلمة، وبحدوث الامتزاج، ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما نسبه الشهرستاني إلى الزروانية حيث قال: زعم بعضهم أنه كان لم يزل مع الله شئ ردي إما فكرة ردية، وإما عفونة ردية، وذلك هو مصدر الشيطان، وزعموا أن الدنيا كانت سليمة من الشرور والآفات، وكان أهلها في خير محض ونعيم خالص فلما حدث " أهرمن " حدثت الشرور والآفات والفتن، (2) وكان بمعزل من السماء فاحتال حتى خرق السماء وصعد.

(1) وفي نسخة: أن ينحصر الخالق جل اسمه من العدو.
(2) وفي نسخة: والآفات والمحن.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309