عليه بقوله (لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين) (1) وتفسيره: أن العبد يفعل ويترك بقضاء الله وقدره ومشيئته، ولكن لا بقضاء وقدر لازم ومشيئة، بل الفاعل مع القضاء والقدر والمشيئة قادر على الترك، والتارك معها قادر على الفعل.
وسخافة القول بالجبر واضحة، بحيث لا يخفى على من لطبعه أدنى استقامة، وكيف يجوز عاقل أن الله الرؤوف الرحيم يجبر العباد على المعاصي، ثم يعذبهم بها، والأشقياء المجبرة ملعونون على ألسنة الأنبياء والأوصياء.
ونقل عن كتاب الفائق قول النبي صلى الله عليه وآله: لعنت القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا، قيل: ومن القدرية؟ قال: قوم يزعمون أن الله قدر المعاصي عليهم وعذبهم عليها (2). وقال في الفائق: وأما المجبرة فان شيوخنا كفروهم (3).
وحكى قاضي القضاة عن الشيخ أبي علي أن المجبر كافر، ومن شك في كفره فهو كافر. وروى أبو الحسن، عن محمد بن علي المكي باسناده، أن فارسيا قدم إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: ما أعجب ما رأيت! قال: رأيت قوما ينكحون محارمهم، ثم يقولون قضاء الله وقدره، قال النبي صلى الله عليه وآله: سيكون في أمتي مثلهم أولئك مجوس أمتي (4).
وذكر ابن مسكويه في كتاب تجارب الأمم في رواية الأصبغ: أن شيخا سأل عليا عليه السلام بعد انصرافه من صفين: أكان سيرنا إلى الشام بقضاء وقدر؟ قال: نعم، قال: عند الله أحتسب عنائي ما أرى لي من الأجر شيئا، قال: لعلك ظننت قضاء لازما وقدرا حتما، تلك مقالة عبدة الأوثان وجنود الشيطان وشهود الزور، وأهل