ووجه الدلالة: أن عمارا الذي يدور الحق معه شهد بظلمه، والمستفاد أيضا من كلامه أن عثمان كان مبغضا لعلي عليه السلام، ومبغضه لا ريب في كفره ونفاقه، لما تقدم من الأخبار.
ومما يدل على ظلمه بل على عدم ايمانه، ما في تاريخ أعثم، وقد تقدم في بحث الاجماع، وهو أن عمارا حين سأله عمرو بن العاص في صفين عمن قتل عثمان، قال:
قتله الله، ونقله أيضا ابن أبي الحديد في حكاية طويلة من أخبار عمار في صفين، ولاشتمال هذه الحكاية على عدة فوائد نذكر هاهنا أكثرها.
قال ابن أبي الحديد: قال نصر: فحدثنا عمر بن سعد، قال: فبينا علي عليه السلام واقفا بين جماعة من همدان وحمير وغيرهم من أفناء قحطان، إذ نادى رجل من أهل الشام: من دل على أبي نوح الحميري؟ فقيل له: قد وجدته فماذا تريد؟ قال:
فحسر عن لثامه فإذا هو ذو الكلاع الحميري، ومعه جماعة من أهله ورهطه، فقال لأبي نوح: سر معي، قال: إلى أين؟ قال: إلى أن نخرج عن الصف، قال: وما شأنك قال: ان لي إليك لحاجة، فقال أبو نوح: معاذ الله أن أسير إليك الا في كتيبة، قال ذو الكلاع: بلى فسر فلك ذمة الله وذمة رسوله وذمة ذي الكلاع حتى ترجع إلى خيلك ، فإنما أريد أن أسألك عن أمر فيكم تمارينا فيه.
فسار أبو نوح وسار ذو الكلاع، فقال: إنما دعوتك أحدثك حديثا حدثناه عمرو بن العاص قديما في خلافة عمر بن الخطاب، ثم أذكرناه الان به فأعاده، انه يزعم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يلتقى أهل الشام وأهل العراق، وفي أحد الكتيبين الحق وامام الهدى ومعه عمار بن ياسر.
فقال أبو نوح: نعم والله انه لفينا، قال: نشدتك الله أجاد هو على قتالنا؟ قال:
أبو نوح: نعم ورب الكعبة لهو أشد على قتالكم مني، ولوددت أنكم خلق واحد، فذبحته وبدأت بك قبلهم وأنت ابن عمي.