وإذا كان أدل على العدل كان أهدى الأمة إلى الحق، وإذا كان أهدى كان أولى أن يكون متبوعا وأن يكون حاكما لا تابعا ولا محكوما عليه، ثم ذكر كلاما طويلا في بيان أفضليته عليه السلام من وجه آخر (1). انتهى ما أردنا نقله من عبارات بعض علماء المخالفين.
وينبغي أن نختم عباراتهم بكلام لطيف ذكره سيدنا التقي النقي الزكي الفاضل الكامل الألمعي السيد رضي الدين قدس سره في نهج البلاغة في شأنه عليه السلام، في بيان بعض حالاته العجيبة وصفاته الغريبة، وهذه عبارته:
ومن عجائبه عليه السلام التي انفرد بها، وأمن المشاركة فيها، أن كلامه الوارد في الزهد والمواعظ، والتذكير والزواجر، إذا تأمله المتأمل، وفكر فيه المتفكر، وخلع من قلبه، أنه كلام مثله ممن عظم قدره، ونفذ أمره، وأحاط بالرقاب ملكه، لم يعرضه الشك في أنه من كلام من لاحظ له في غير الزهادة، ولا شغل له بغير العبادة، وقد قبع في كسر بيت، أو انقطع في سفح جبل، لا يسمع الا حسه، ولا يرى الا نفسه، ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه، فيقطع الرقاب، ويجدل الأبطال (2).
ومما يدل على أن عليا عليه السلام وسائر أهل البيت عليهم السلام أفضل الخليقة، وأكمل البرية، عباراته المنقولة في نهج البلاغة، منها: قوله عليه السلام مشيرا إلى آل محمد: هم موضع سره، ولجأ أمره، وعيبة علمه، وموئل حكمه، وكهوف كتبه، وجبال دينه، بهم أقام انحناء ظهره، وأذهب ارتعاد فرائصه (3).
ومنها: ما ذكره مشيرا إلى من تقدم عليه وغصب حقه: زرعوا الفجور، وسقوه