روي عبد الحميد بن عوان العجلي، عن سلمة بن سهيل، قال: لما انتهى مسير أمير المؤمنين عليه السلام إلى ذي قار، بعث ابنه الحسن عليه السلام وعمار بن ياسر إلى أهل الكوفة، ليستنفرا أهلها، فأتوه بذي قار [أي أهل الكوفة]، فأخذ عليهم البيعة، ثم قام فيهم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال:
أما بعد، أيها الناس:
(قد جرت علينا أمور صبرنا عليها - وفي أعيننا القذى، وفي القلب شجى - تسليما لأمر الله تعالى فيما امتحن به عبده، رجاء الثواب على ذلك، فكان الصبر عليها أمثل من أن يتفرق المسلمون، وتسفك دماؤهم، فنحن أهل بيت النبوة، وعترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحق الناس بسلطان الرسالة، ومعدن الكرامة، التي ابتدأنا الله تعالى بها، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (1).
يا أهل الكوفة:
إنكم من أكرم المسلمين، [وأصدقهم تقوى] (2)، وأعدلهم سنة، وأفضلهم سهما في الإسلام، وأجودهم في القرب مركبا ونصابا، أنتم أشد القرب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأهل بيته، وإنما جئتكم ثقة - بعد الله - بكم للذي بذلتم من أنفسكم عند نقض طلحة والزبير وخلعهما طاعتي