عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٤ - الصفحة ١٠٩
(164) وروي انه (عليه السلام) سئل عن القضاء والقدر؟ فقال: (لا تقولوا وكلهم الله إلى أنفسهم، فتوهنوه. ولا تقولوا أجبرهم على المعاصي، فتظلموه. ولكن قولوا: الخير بتوفيق الله والشر بخذلان الله، وكل سابق في علم الله) (1) (2).
(165) وروي عن الصادق (عليه السلام) مثل ذلك، فقال عليه السلام: (لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين الامرين) (3) (4).
(166) وروى أن أبا حنيفة دخل يوما على الصادق (عليه السلام)، فرأى بالباب ولده موسى الكاظم (عليه السلام) وهو يومئذ صبي فقال له أبو حنيفة: اني أريد ان أسألك عن مسألة أفتأذن لي في ذلك وتحسن الجواب عنها؟ فقال (عليه السلام): (سل ما شئت).
فقال أبو حنيفة: ممن المعصية؟ فقال الإمام (عليه السلام): (أن كانت المعصية من الله، فمنه وقع الفعل، فهو أكرم من أن يؤاخذ عبده بما لا دخل له فيه. وان كانت منهما كان شريكه، والشريك القوي أولى بانصاف شريكه الضعيف. وان كانت المعصية من العبد فمنه وقع الفعل واليه توجه الخطاب، وصح له وقوع العقاب

(1) البحار، ج 5، باب (3) القضاء والقدر والمشية والإرادة وسائر أسباب الفعل حديث: 16، نقلا عن الاحتجاج.
(2) التوفيق عبارة عن أعطاء الألطاف الزائدة على الألطاف التي هي شرط التكليف، والخذلان منع تلك الألطاف الزائدة، ولا يبطل الاختيار بذلك لان ذلك أمور زائدة على شرط التكليف الواجب عمومها للكل. وسبق علم الله تعالى بها لا يستلزم كونه مؤثرا فيها، لان العلم لا تأثير له في فعل الغير، بل التأثير مستند إلى إرادة العبد وقدرته (معه).
(3) الأصول، ج 1، كتاب التوحيد، باب الجبر والقدر والامر بين الامرين قطعة من حديث: 13.
(4) قد ذكرنا في هذا الحديث وجوها متعددة في كتابنا المسمى (المجلي مرآة المنجى) كلها لا يخلو عن دخل، ثم اخترنا فيه أن هذا الحديث إشارة إلى ذكر المقامين أعني مقام توحيد الأفعال وتوحيد الوجود، فإنه مقام يرفع اسناد شئ من الأفعال إلى غير الله، بل ويرفع اسناد الوجود واطلاقه على غيره تعالى، ومقام الشريعة والتكليف المستلزم للأسباب والمسببات واسناد التأثير إليها الموجب للنظام والترتيب والاحتياج إلى الشارع والسياسات، فلا ينبغي أن يلاحظ المكلف أحد المقامين دون الاخر لئلا يقع في أحد طرفي الافراط والتفريط، بل يجب أن يجمع بين المقامين ويلاحظ الحالين ويعرف المرتبتين ولا يشتغل بأحدهما عن الأخرى حتى يكون صاحب جمع الجمع، فان الجامع بينهما الناظر إليهما، يكون ملاحظا لامر بين الامرين، لان الجمع بينهما غير كل واحد منهما، كما تقولون: لا بون ولا صلة، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج، ومثله قولهم: لا اطلاق ولا تقييد، والكل يثبت الواسطة كما روينا فيما سبق. التوحيد نفى الحدين، حد التشبيه وحد التعطيل (معه).
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ما أنصفناهم ان وأخذناهم ولا أحببناهم ان عاقبناهم، بل نبيح... 5
2 لا يسعني ارضى ولا سمائي، بل يسعني قلب عبدي المؤمن 7
3 ان الناصبي شر من اليهودي 11
4 من صلى بغير حنك فأصابه داء لا دواء له، فلا يلو من الا نفسه 37
5 كل شئ يابس ذكي 48
6 لا يترك الميسور بالمعسور 58
7 ما لا يدرك كله لا يترك كله 58
8 تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة، وبرهة بالقياس... 64
9 اطلبوا العلم ولو بالصين 70
10 لي الواجد يحل عقوبته وعرضه 72
11 مطل الغني ظلم 72
12 الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا 73
13 علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل 77
14 خذوا العلم من أفواه الرجال 78
15 حديث فضل زيارة الرضا عليه السلام نقلا عن عايشه 82
16 من نازع عليا الخلافة بعدي فهو كافر 85
17 في ان الرضا عليه السلام قدم خراسان أكثر من مرة 94
18 خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا 98
19 قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن 99
20 من عرف نفسه فقد عرف ربه 102
21 بالعدل قامت السماوات والأرض 103
22 لا أحصى ثناء عليك 114
23 اعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك 118
24 كنت نبيا وآدم بين الماء والطين 121
25 العلم نقطة كثرها الجاهلون 129
26 اللهم أرنا الحقايق كما هي 132
27 حديث مرفوعة زرارة المشهورة 133
28 معرفة الجمع بين الأحاديث 136
29 في أقسام الحديث وسبب تكرار بعض الأحاديث في الكتاب 138
30 في نقل حديثين في فضل الذرية العلوية الحديث الأول 140
31 الحديث الثاني 142
32 مجموع الأحاديث المستودعة في الكتاب 148
33 في نقل المدارك 150
34 نظم اللئالي في ترتيب أحاديث العوالي 150