عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ١ - الصفحة ٤٩
الرحمان " (1) (2).
(١) ذهب بعضهم في تأويل الإصبع، إلى أنه النعمة، لقول العرب: ما أحسن إصبع فلان على ماله، ويريدون أثره. ومنه قول الشاعر:
ضعيف القوى (الغنى خ ل) بادي العروق ترى له * * عليها إذا ما أمحل الناس إصبعا أي أثرا حسنا. وذهب آخر، إلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قال في دعائه " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " قالت بعض زوجاته: أتخاف يا رسول الله على قلبك؟ فقال: " ان قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمان " وفيه نظر، لان القلب إذا كان بين نعمتين، فهو محفوظ بهما، فلا معنى للدعاء بالتثبت، بل كان الواجب أن لا يخاف عليه.
بل المراد بالإصبع هو مثل قوله عليه السلام في حديث آخر: " تحمل الأرض على إصبع " ولا يراد به النعمة قطعا، بل هو مثل قوله تعالى: " والسماوات مطويات بيمينه " فكما لا يصح أن يقال: يمين بمعنى الجارحة، كذلك لا يقال، إصبع كأصابعنا، ولا قبضة كقبضتنا، ولا يد كيدنا. لان صفاته تعالى لا تشبه شيئا من صفاتنا، بل نؤمن بذلك كله ولا نحمله على الحقايق المعلومة عندنا، بل يجب حمله على معان أخرى، ولا يجب علينا معرفته على الحقيقة. هكذا قال بعضهم: في تأويل هذا الحديث.
وأنت كما تراه فيه اعتراف بالعجز عن معنى الحديث، وحمله على تأويل غير معلوم وذلك خروج عن قاعدة التأويل. بل الأحسن في التأويل، حمل الإصبع على أثر القدرة كما حمل في التأويل، اليد على القدرة والإصبع من جملة اليد، والأثر متعلق القدرة فجاز تسميته أي أثر من آثارها إصبعا ويصير المراد بالإصبعين هنا، أثرى الخوف والرجاء الذي يجب أن تكون قلب المؤمن بينهما (معه).
(٢) رواه الترمذي في سننه، كتاب الدعوات باب (90) حديث (3522) ولفظ ما رواه (قال صلى الله عليه (وآله) وسلم: يا أم سلمة انه ليس آدمي الا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله. الحديث). ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 168. ولفظ ما رواه (عن عبد الله بن عمر انه سمع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: ان قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرف كيف يشاء، الحديث).
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 173. ولفظ ما رواه (عن عبد الله بن عمرو بن العاص ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قلب ابن آدم على إصبعين من أصابع الجبار عز وجل، الحديث)