مذهب الملاحدة، وفي دلائلهم، وفي الجواب عنها، حتى مضى عامة النهار فقام الملاحدة، وقبلوا الأرض بين يديه، وقالوا: هذا الشيخ هو عالمنا وعلى ديننا، ونحن له تبع، ثم لما تحققوا مذهبه بعد ذلك رجعوا إلى دين الاسلام ولو أنه طاب ثراه ناظرهم كمناظرة الخصوم، لكان متهما عندهم، ولما رجعوا عن باطلهم.
وهذا نوع لطيف من المناظرة، استعمله الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم في المباحثة مع المعاندين وأهل التعصب في المذاهب الباطلة، وقد أمروا به بقوله تعالى " وجادلهم بالتي هي أحسن " ومنه ما حكاه الله تعالى عن رسول الله صلى الله عليه وآله (وأنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) وفي سورة الكافرين (لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد - إلى قوله - لكم دينكم ولي دين).
ومن طالع كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي قدس الله ضريحه يظهر لنا ان هده الطريقة في المناظرة هي الأصل والأنفع في استجلاب المنافقين إلى الدخول في الدين القويم. وحدثني أيضا ذلك الشيخ أبقاه الله تعالى، أن رجلين من أهل بلدة بهبهان، شيعي وسني تناظرا وتباحثا في المذهب فاتفق رأيهما على أن يأتيا إلى أصفهان ويسألا ذلك الشيخ من مذهبه، ويرجعا إليه، فلما وردا أصفهان، جاء الرجل الشيعي إلى حضرة الشيخ سرا عن صاحبه، و حكى له ما جرى بينه وبين ذلك الرجل، فلما وردا على الشيخ نهارا وأعلماه انهما تراضيا بدينه شرع في حكاية المذهبين، بدلائل الفريقين، وما أجاب به علماء المذهبين، حتى انقطع النهار، فقاما من عنده وكل منهما يدعى أن الشيخ على مذهبه. وانه على دين الإمامية رجع إليه.
وأيضا كان رحمه الله كثير السفر إلى بلاد المخالفين وهجر عن وطنه و