تقرير بلفظ مقصور على معنى مخصوص، ثم يعطف عليه بلفظ يحتمله، الا ومراده المخصوص الذي ذكره وقرره، دون أن يكون أراد بها غيره ما عداه.
يوضح ذلك ويزيده بيانا: انه لو قال: ألستم تعرفون داري التي في موضع كذا؟ ثم وصفها وذكر حدودها. فإذا قالوا: بلى، قال لهم: فاشهدوا ان داري وقف على المساكين، وكانت له دور كثيرة، لم يجز أن يحمل قوله في الدار التي وقفها الا على أنها الدار التي قررهم على معرفتها ووصفها.
وكذلك لو قال لهم: ألستم تعرفون عبدي فلانا " النوبي "؟ فإذا قالوا: بلى، قال لهم: فاشهدوا ان عبدي حر لوجه الله تعالى، وكان له مع ذلك عبيد سواه، لم يجز ان يقال: انه أراد الا عتق من قررهم على معرفته دون غيره من عبيده، وان اشترك جميعهم في اسم العبودية.
وإذا كان الامر على ما ذكرناه، ثبت ان مراد النبي صلى الله عليه وآله بقوله: من كنت مولاه فعلى مولاه، معنى الأولى، الذي قدم ذكره وقرره، ولم يجز أن يصرف إلى غيره من سائر اقسام لفظة " مولى "، وما يحتمله، وذلك يوجب ان عليا عليه السلام أولى بالناس من أنفسهم بما ثبت انه مولاهم كما أثبت النبي صلى الله عليه وآله لنفسه انه مولاهم وأثبت له القديم تعالى انه أولى بهم من أنفسهم فثبت انه أولى بهم من أنفسهم، فثبت انه أولى بلفظ الكتاب العزيز، وثبت انه مولى بلفظ نفسه، فلو لم يكن المعنى واحدا، لما تجاوز ما حد له في لفظ الكتاب العزيز إلى لفظ غيره، فثبت لعلى عليه السلام ما ثبت له في هذا المعنى من غير عدول إلى معنى سواه.
ويزيده بيانا أيضا، انا نتصفح جميع ما تحتمله لفظة مولى من الأقسام التي يعبر بها عنها، وننظر ما يصح أن يكون مختصا بالنبي صلى الله عليه وآله، منها، وما لا يصح اختصاصه به، وما يجوز ان يوجبه لغيره في تلك الحال مما يخصه، وما لا يجوز ان يوجبه، ومع اعتبارها، لا يوجد فيها ما يوجبه لأمير المؤمنين عليه السلام، غير الأولى والامام والسيد المطاع، ونحن نذكرها مفصلة على البيان، فنقول: