فذكرها لاقتضاء الحال لها وابان بذكرها عدة المنافقين انهم كانوا ممن لم يقبل ما عهده النبي صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام بل أظهر الرضا وابطن خلافه، وهذا مأخوذ من نفق اليربوع (1)، لان له بابين: يدخل في واحد وإذا طلب فيه، خرج من الاخر، وكذلك المنافق يظهر خلاف ما يبطنه. يدل على صحة هذا التأويل ما قدمناه من الصحاح من قول جابر بن عبد الله الأنصاري (رض): ما كنا لنعرف المنافقين الا ببغضهم إياه (2) وبقول النبي صلى الله عليه وآله له: ما أحبك الا مؤمن تقى ولا أبغضك الا منافق شقى.
وقد تقدم ذكر ذلك من الصحاح من غير طريق، فدل على حسن الكناية في الخبر من الطريقين (3): أحدهما التنبيه على ولائه والاخر التعريف بان مبغضه منافق، وهذا من أحسن الكنايات، ومثله في حسن التعريض والكناية ما ذكره أبو محمد: عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب " غريب الحديث " في الجزء الأول قريبا من آخره، قال ابن قتيبة في حديث النبي صلى الله عليه وآله: ان أبا ذر أتى فلانا فتعاتبا فقال أبو ذر: اما أنا فأشهد أن النبي صلى الله عليه وآله قال: انى أو إياك أو أحدنا فرعون هذه الأمة، فقال الرجل: اما انا فلا، قال ابن قتيبة: قوله: انى أو إياك أو أحدنا يريد: انك أنت فرعون هذه الأمة ولكنه القى إليه تعريضا، فكان أحسن من التصريح به. ومثله في كتاب الله تعالى: " وانا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) (4) وهذا كما يقول القائل: أحدنا كاذب وهو يعلم أنه الصادق وصاحبه الكاذب ونحو هذا من التعريض في قتل عثمان قول علي عليه السلام في خطبة له: انكم قد أكثرتم في قتل عثمان، الا وان الله قتله وانا معه، فأوهم قوما كانوا معه انه ممن أعان عليه وأراد ان الله قتله، وسيقتلني معه وقال: قال ابن سيرين: هذه