له أمير المؤمنين: ارجوان يطهر الله تعالى مجلسي منك ومن أمثالك، (1) وكتبوا بما أراد عمرو فهذا كفعل رسول الله صلى الله عليه وآله على السواء في القضية والتحكيم، وما كان السبب في التحكيم الا عامة أصحاب أمير المؤمنين لان الأشعث بن قيس لما شاهد ما فعله أهل الشام من حيلة عمرو بن العاص قال لأمير المؤمنين عليه السلام: ان لم تحكم قتلناك بهذه السيوف التي قتلنا بها عثمان فقال حينئذ:
لا رأى لمن لا يطاع، وقال لأصحابه: هذه كلمة حق يراد بها باطل، وهذا كتاب الله الصامت وانا المعبر عنه، فخذوا بكتاب الله الناطق وذروا الحكم بكتاب الله الصامت إذ لا معبر عنه غيري، فلما لم يرجع أصحابه إلى رأيه على ما تقدم ذكره قال لهم:
اجعلوا التحكيم على كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا زال الحكم عنها (1) كان المحكم معذورا مع اضطراره إلى التحكيم، فلما حكم أبو موسى رأى في حكمه خلع أمير المؤمنين عليه السلام، وأي كتاب أو سنة تحكم بخلع أمير المؤمنين عليه السلام؟
فلما رأى أصحاب أمير المؤمنين عدول أبي موسى الأشعري عن الكتاب والسنة رجعوا على أنفسهم باللوم، فافترقوا فرقتين، فرقة اعتذروا إليه من ذنبهم وقالوا:
ما علمنا أنه يجرى من أبى موسى ما جرى، والفرقة الأخرى وهم الخوارج، لم يتمعنوا النظر في الدليل ولم يعترفوا انهم هم كانوا سبب ذلك وإنما عادوا على أمير المؤمنين عليه السلام باللوم وقالوا: لما لم نطعك ولم نرجع إلى قولك كنت ضربت رقابنا حيث علمت أن الحال تؤل إلى ما آلت إليه، فقال لهم: ما كان ينبغي ان أقتلكم في ذلك لأنني لو فعلت ذلك لكان داعية إلى ترك اتباعى وتقوية حجة الخصم، لان الامام إذا قتل اتباعه على حالة لم يتحققها العدو والولي كان ذلك منفرا عن اتباعه وداعية إلى اجتنابه عند من لا اعتبار له في الأدلة.
وقد كان مع النبي صلى الله عليه وآله جماعة من المنافقين وكان قادرا على قتلهم فلم يمنعه