جاعلك للناس إماما " (1) مع كونه نبيا من اولي العزم، فصار استحقاق الإمامة له كاستحقاق النبوة للنبي صلى الله عليه وآله لان جنس طريق الاستحقاق واحدة. وهو سؤال إبراهيم (ع) (2) لأنه سأل الإمامة لذريته، فقال له تعالى: " لا ينال عهدي الظالمين " (3) فقال: ومن الظالم؟ فقال: من عبد الأصنام، بدليل قوله تعالى: " ان الشرك لظلم عظيم " (4) فسأل عند ذلك الاعفاء له ولذريته من ذلك، فقال: " واجنبني وبني ان نعبد الأصنام " (5) وقد تقدم الكلام علي ذلك مستوفى، فلا وجه لإعادته.
ويزيده اعظاما في تفخيم امره عليه السلام قوله صلى الله عليه وآله: وانا منه، لأنه لو اطلق اللفظ بقوله على مني. واقتصر على ذلك، لاحتمل وجوها من التأويل وإنما، لما قال له: وأنا منه، دل على تعظيم القصة، وانه ما أراد، الا الجنس المستحق به الإمامة.
ومما يوضح ذلك ويزيده بيانا وانه الوجه المقصود به دون ما عداه، ان له قرينتين في لفظ الخبر، تدلان على صحة هذا التأويل وهما قوله صلى الله عليه وآله: ولا يؤدى عني الا انا أو علي وقوله صلى الله عليه وآله: على مني وانا منه وهو ولي كل مؤمن بعدى، وهاتان القرينتان من أدل دليل على أن مراده صلى الله عليه وآله بقوله: مني وانا منه: استحقاق الإمامة بعده، لأنه لا يؤدى عن النبي صلى الله عليه وآله الا الامام المفروض الطاعة، فلا يكون ولي المؤمنين بعده الا الامام المنصوب لاستحقاق الولاء من الأمة، وهاتان الرتبتان (6)، قد تقدم ذكر اختصاصه بهما من قول الله سبحانه وتعالى الذي هو أصل كل دليل واعتماد كل تأويل وهو قوله سبحانه وتعالى: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " الآية إلى آخرها (7). واختصاصها به دون غيره، بما قد تقدم ذكره من الصحاح، فهذا