مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٥٢٦
بعض تلامذته دخل يوما على الإمام الحسن العسكري فقال له أبو محمد (ع): أما فيكم رجل رشيد يردع استأذكم الكندي عما اخذ فيه من تشاغله القرآن، فقال التلميذ: نحن من تلامذته كيف يجوز منا الاعتراض عليه في هذا أوفى غيره، فقال له أبو محمد: أتؤدي إليه ما ألقيه إليك؟ قال: نعم، قال: فصر إليه وتلطف في مؤانسته ومعونته على ما هو بسبيله فإذا وقعت الانسة في ذلك فقال قد حضرتني مسأله أسألك عنها فإنه يستدعي ذلك منك فقل له ان اتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم منه غير المعاني التي قد ظننتها انك ذهبت إليها؟ فإنه سيقول لك انه من الجائز لأنه رجل يفهم إذا سمع، فإذا أوجب ذلك فقل له: فما يدريك لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه فيكون واضعا لغير معانيه. فصار الرجل إلى الكندي وتلطف إلى أن القى عليه هذه المسألة فقال له: أعد علي، فأعاد عليه فتفكر في نفسه ورأي ذلك محتملا في اللغة وسائغا في النظر فقال: أقسمت عليك إلا أخبرتني من أين لك؟ فقال: انه شئ عرض بقلبي فأوردته عليك، فقال كلا ما مثلك من اهتدى إلى هذا ولا من بلغ هذه المنزلة فعرفني من أين لك هذا؟ فقال: امرني به أبو محمد فقال: الآن جئت به وما كان ليخرج مثل هذا إلا من ذلك البيت، ثم إنه دعا بالنار وأحرق جميع ما كان ألفه.
الجلاء والشفاء قال أبو جعفر العمرى: ان أبا طاهر بن بلبل حج فنظر إلى علي ابن جعفر الهمداني وهو ينفق النفقات العظيمة فلما انصرف كتب بذلك إلى أبى محمد فوقع في رقعته: قد أمرنا له بمائة ألف دينار ثم أمرنا لك بمثلها. وهذا يدل على أن كنوز الأرض تحت أيديهم.
علي بن الحسن بن سابور قال: كان في زمن الحسن الأخير (ع) قحط فخرجوا للاستسقاء ثلاثة أيام فلم يمطر عليهم، قال: فخرج يوم الرابع بالجاثليق مع النصارى فسقوا، فخرج المسلمون يوم الخامس فلم يمطروا فشك الناس في دينهم، فأخرج المتوكل الحسن (ع) من الحبس وقال: أدرك دين جدك يا أبا محمد، فلما خرجت النصارى ورفع الراهب يده إلى السماء قال أبو محمد لبعض غلمانه خذ من يده اليمنى ما فيها فلما اخذه كان عظما اسود ثم قالق: استسق الآن، فاستسقى فلم يمطر وأصحت السماء فسأل المتوكل عن العظم قال: لعله اخذ من قبر نبي ولا يكشف عظم نبي إلا ليمطر.
وكتب (ع) إلى أهل قم: وآبه ان الله تعالى بجوده ورأفته قد من على عباده بنبيه محمد صلى الله عليه وآله بشيرا ونذيرا ووفقكم لقبول دينه وأكرمكم بهدايته وغرس في
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»
الفهرست