فتناول الحسين عمامة الوليد عن رأسه وشدها في عنقه وهو يومئذ وال على المدينة فقال مروان بالله ما رأيت كاليوم جرأة رجل على أميره، فقال الوليد: والله ما قلت هذا غضبا لي ولكنك حسدتني على حلمي عنه وإنما كانت الضيعة له، فقال الحسين الضيعة لك يا وليد، وقام.
وقيل له يوم الطف: انزل على حكم بني عمك، قال: لا والله لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد، ثم نادى: يا عباد الله اني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن من بيوم الحساب. وقال: موت في عز خير من حياة في ذل.
وأنشأ (ع) في يوم قتله:
الموت خير من ركوب العار * والعار أولى من دخول النار والله ما هذا وهذا جاري قال ابن نباتة:
الحسين الذي رأى القتل في ال * عز حياة والعيش في الذل قتلا الحلية، روى محمد بن الحسن انه لما نزل القوم بالحسين وأيقن انهم قاتلوه قال لأصحابه قد نزل ما ترون من الامر وان الدنيا قد تنكرت وتغيرت وأدبر معروفها واستمرت حتى لم يبق منها إلا كصبابة الاناء، وإلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، واني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما، وأنشد لما قصد الطف متمثلا سأمضي فما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى خيرا وجاهد مسلما وواسى الرجال الصالحين بنفسه وفارق مذموما وخالف مجرما أقدم نفسي لا أريد بقاءها * لنلقى خميسا في الهياج عرمرما فان عشت لم اذمم وإن مت لم ألم * كفى بذك ذلا ان تعيش فترغما ومن زهده (ع) انه قتل: ما أعظم خوفك من ربك؟ فقال: لا يأمن يوم القيامة إلا من خالف الله في الدنيا. إبانة ابن بطة قال عبد الله بن عبيد أبو عمير: لقد حج الحسين بن علي خمسة وعشرين حجة ماشيا وان النجايب تقاد معه.
عيون المجالس انه ساير أنس بن مالك فأتى قبر خديجة فبكى ثم قال اذهب عني، قال أنس فاستخفيت عنه فلما طال وقوفه في الصلاة سمعته قائلا يا رب يا رب أنت مولاه * فارحم عبيدا إليك ملجاه يا ذا المعالي عليك معتمدي * طوبى لمن كنت أنت مولاه