وروى أنهم كانوا غيبا عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله فقدموا وقد تولى أبو بكر وهم يومئذ أعلام مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص وقال:
اتق الله يا أبا بكر فقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ونحن محتوشوه (1) يوم بني قريظة حين فتح الله له باب النصر وقد قتل علي بن أبي طالب عليه السلام يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولي البأس والنجدة منهم: يا معاشر المهاجرين والأنصار إني موصيكم بوصية فاحفظوها وموعدكم أمرا فاحفظوه، ألا إن علي بن أبي طالب أميركم بعدي وخليفتي فيكم بذلك أوصاني ربي، ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم واضطرب عليكم أمر دينكم ووليكم أشراركم، ألا وإن أهل بيتي هم الوارثون لأمري والعالمون لأمر أمتي من بعدي اللهم من أطاعهم من أمتي وحفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي واجعل لهم نصيبا من مرافقتي يدركون به نور الآخرة، اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فأحرمه الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض.
فقال له عمر بن الخطاب: اسكت يا خالد فلست من أهل المشورة ولا ممن يقتدى برأيه. فقال له خالد: بل اسكت أنت يا بن الخطاب فإنك تنطق على لسان غيرك، وأيم الله لقد علمت قريش إنك من ألأمها حسبا وأدناها منصبا وأخسها قدرا وأخملها ذكرا وأقلهم عناءا عن الله ورسوله، وإنك لجبان في الحروب بخيل بالمال لئيم العنصر، مالك في قريش من فخر ولا في الحروب من ذكر، وإنك في هذا الأمر بمنزلة الشيطان " إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين " (2) فأبلس (3) عمر وجلس خالد بن سعيد. ثم قام سلمان الفارسي وقال " كرديد ونكرديد " أي فعلتم ولم تفعلوا، وقد كان امتنع من البيعة قبل