فتناوله علي عليه السلام فقمحه (1) وعرق عرقا خفيفا، وجعل الرجل يرتعد ويقول في نفسه: الآن أؤخذ بابن أبي طالب، ويقال: قتلته ولا يقبل مني قولي إنه هو الجاني على نفسه.
فتبسم علي بن أبي طالب عليه السلام وقال: يا عبد الله أصح ما كنت بدنا الآن لم يضرني ما زعمت أنه سم.
ثم قال: فغمض عينيك، فغمض، ثم قال: افتح عينيك ففتح، ونظر إلى وجه علي بن أبي طالب عليه السلام، فإذا هو أبيض أحمر مشرب حمرة، فارتعد الرجل لما رآه.
وتبسم علي عليه السلام وقال: أين الصفار الذي زعمت أنه بي.
فقال: والله لكأنك لست من رأيت، قبل كنت مضارا، فإنك الآن مورد.
فقال علي عليه السلام: فزال عني الصفار الذي تزعم أنه قاتلي.
وأما ساقاي هاتان ومد رجليه وكشف عن ساقيه، فإنك زعمت أني أحتاج إلى أن أرفق ببدني في حمل ما أحمل عليه، لئلا ينقصف الساقان، (2) وأنا أريك أن طب الله عز وجل على خلاف طبك، وضرب بيده إلى أسطوانة خشب عظيمة، على رأسها سطح مجلسه الذي هو فيه، وفوقه حجرتان، أحدهما فوق الأخرى وحركها فاحتملها، فارتفع السطح والحيطان وفوقهما الغرفتان، فغشي على اليوناني.
فقال علي عليه السلام: صبوا عليه ماء فصبوا عليه ماء فأفاق وهو يقول: والله ما رأيت كاليوم عجبا.
فقال له علي عليه السلام: هذه قوة الساقين الدقيقين واحتمالهما أفي طبك هذا يا يوناني؟
فقال اليوناني أمثلك كان محمدا؟
فقال علي عليه السلام: وهل علمي إلا من علمه، وعقلي إلا من عقله، وقوتي إلا من قوته، ولقد أتاه ثقفي وكان أطب العرب، فقال له: