فقال معاوية: أجل إن هؤلاء بعثوا إليك وعصوني ليقروك: أن عثمان قتل مظلوما، وأن أباك قتله، فاسمع منهم، ثم أجبهم بمثل ما يكلمونك، فلا يمنعك مكاني من جوابهم.
فقال الحسن: فسبحان الله البيت بيتك والإذن فيه إليك! والله لئن أجبتهم إلى ما أرادوا إني لأستحيي لك من الفحش، وإن كانوا غلبوك على ما تريد، إني لأستحيي لك من الضعف، فبأيهما تقر، ومن أيهما تعتذر، وأما إني لو علمت بمكانهم واجتماعهم، لجئت بعدتهم من بني هاشم مع أني مع وحدتي هم أوحش مني من جمعهم، فإن الله عز وجل لوليي اليوم وفيما بعد اليوم، فمرهم فليقولوا فأسمع، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فتكلم عمرو بن عثمان بن عفان فقال: ما سمعت كاليوم أن بقي من بني عبد المطلب على وجه الأرض من أحد بعد قتل الخليفة عثمان بن عفان، وكان ابن أختهم، والفاضل في الإسلام منزلة، والخاص برسول الله إثرة، فبئس كرامة الله حتى سفكوا دمه اعتداء، وطلبا للفتنة، وحسدا، ونفاسة، وطلب ما ليسوا بأهلين لذلك، مع سوابقه ومنزلته من الله، ومن رسوله، ومن الإسلام، فيا ذلاه أن يكون حسن وساير بني عبد المطلب قتلة عثمان، أحياء يمشون على مناكب الأرض وعثمان بدمه مضرج، مع أن لنا فيكم تسعة عشر دما بقتلي بني أمية ببدر ثم تكلم عمرو بن العاص: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أي ابن أبي تراب بعثنا إليك لنقررك أن أباك سم أبا بكر الصديق، واشترك في قتل عمر الفاروق وقتل عثمان ذي النورين مظلوما، وادعى ما ليس له حق، ووقع فيه، وذكر الفتنة، وعيره بشأنها؟
ثم قال: أنكم يا بني عبد المطلب لم يكن الله ليطيعكم الملك فتركبون فيه ما لا يحل لكم، ثم أنت يا حسن تحدث نفسك بأنك كائن أمير المؤمنين وليس عندك عقل ذلك، ولا رأيه، وكيف وقد سلبته، وتركت أحمق في قريش، وذلك لسوء عمل أبيك، وإنما دعوناك لنسبك وأباك.